فعل, وإن لم يأمره أمسك.

ومن فوائد هذا الحديث: الإشارة إلى عدم تشييد المساجد؛ لأنها لو كان تشييدها خيرًا لأمر بها النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه ما من خير إلا أمر به النبي صلى الله عليه وسلم ودل الناس عليه, إما من نفسه ابتداءًا أو من الله عز وجل.

ومن فوائد هذا الحديث: أن الأولى أن تكون المساجد متواضعة, يعني: متواضع فيها في بنائها, وأما زخرفتها خلاف مقصود الشارع؛ لقوله: «ما أمرت بتشييد المساجد» , هذا إذا كان التشييد لا يلزم منه محظور, أما إذا كان فيه محظور فإنه ينهى عنه, ولا يقتصر على القول بأننا ما أمرنا بذلك, فمن هذا ما ينشر في قبلة المسجد, في بعض المساجد ينشر الله وإلى جانبه محمد, والذي ينظر إليهما يعتقد أنهما سواء, وأن الرسول صلى الله عليه وسلم ند لله تعالى؛ لأن الحرف واحد ولفظ الجلالة على اليمين, ولفظ محمد على اليسار, وهذا لا شك أنه دخيل على الإسلام, فالمسلمون لم يكونوا يكتبون في القبلة شيئًا, بل يكرهون ذلك كما نص عليه الإمام أحمد رحمه الله فكيف إذا كتبت مثل هذه العبارة؟ أرى أن من رأى أحد المساجد فيها هذه الكتابة أن يبلغ المسئولين في وزارة الشئون الإسلامية حتى تبرأ ذمته.

وفي هذا الحديث: أن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «لتزخرفنها كما زخرفتها اليهود والنصارى» , وهذا هو الذي حصل أنها زخرفت, أحيانًا يدخل الإنسان المسجد ويقول: ما هذا أهذا قصر ملك أم حجرة تاجر, حتى إنه في بعض الأحيان تجد الفراش لينًا كأنه فراش ×××, وهذا من الترف الزائد الذي لا ينبغي أن يعتاده المسلمون, نسأل الله الهداية.

254 - وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «عرضت علي أجور أمتي, حتى القذاة يخرجها الرجل من المسجد». رواه أبو داود, والترمذي واستغربه, وصححه ابن خزيمة.

«عرضت علي» يعني: أوحي إلي بها؛ لأن الأجور إنما تكون بعد؛ يعني: في يوم القيامة, فالذي عرض عليه أنه - عليه الصلاة والسلام - بين له ثوابها, وقوله: «أجور أمتي» يعني: الثواب, وسمى الله - تبارك وتعالى - أجرًا من كرمه - تبارك وتعالى - كأن العبد يعامل ربه معاملة الأجير لأجيره, أو الأجير لمستأجره, ومعلوم أن الأجير مع المستأجر يتعامل بمعاوضة فيلزمه أن يسدد الأجر, فكأن الله تعالى جعل العمل والثواب عليه مثل عقد الإجارة, ونظير ذلك قوله تعالى:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015