وأعطني خمسة أو لا يجوز؟ هي مصارفة لا شك, لكن هل أراد بها التجارة؟ إنما أراد بها دفع حاجة أخيه فهذا جائز, وقد كان الناس أدركناهم في المسجد الحرام يبيعون ماء زمزم يدورون به على الناس في فخار - دورق - ويسقون الحجاج بفلوس هذه تحل لأنها ليست تجارة, حتى لو فرض أن حامل الدورق طلب بنفسه الفلوس من الناس فهذا جائز؛ لأن قول الرسول صلى الله عليه وسلم: «لا أربح الله تجارتك» يدل على أن المراد بذلك ما كان للتجارة, ولكن كما قلت لكم الأولى المنع منه لئلا يتهم الإنسان؛ ولأن نية التجارة في القلب لا يطلع عليها.
ومن فوائد الحديث: تعظيم المساجد, وأنها ليست محلًا لكسب الدنيا, وأنها للآخرة فقط.
247 - وعن حكيم بن حزام رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تقام الحدود في المساجد, ولا يستفاد فيها». رواه أحمد, وأبو داود بسندٍ ضعيفٍ.
قوله - عليه الصلاة والسلام - إن صح الحديث عنه -: «لا تقام الحدود» الحدود: جمع حد وهي في اللغة: المنع, ومنه حدود الأرض تمنع من دخول الجيران بعضهم على بعض, والمراد بها هنا: العقوبات المقدرة على المعاصي, فنقول: الحدود جمع حد, وهي عقوبة مقدرة شرعًا في معصية للتكفير عن صاحبها ومنع غيره منها؛ لأن الحدود تكفير, ولننظر في الحدود: حد الزنا, حد القذف, حد السرقة, حد قطاع الطريق هذه أربعة, حد الخمر مختلف فيه والصحيح أنه ليس حدًا كما سيأتي, السادس: قتل المرتد عده بعضهم وليس بصحيح؛ لأن قتل المرتد ليس حدًا بدليل أن المرتد لو تاب بعد القدرة عليه يرفع عنه القتل, والحد لا يرفع بعد القدرة عليه, القصاص عده بعضهم من الحدود وهو غلط؛ لأن القصاص حق للآدمي, قال الله تعالى: {فمن عفى له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف} [البقرة: 178]. الحدود الواضحة التي ليس فيها إشكال: حد الزنا, حد السرقة, حد قطاع الطريق, حد القذف, أربعة لا إشكال فيها.
«لا تقام الحدود في المساجد» والحكمة من ذلك أنه يخشى من تلوث المسجد هذا من وجه, يخشى من أفعال منكرة قد تقع فيه من المحدود أو من الناس الذين يحضرون, يخشى من الصراخ والعويل في المساجد, وهذا ينافي حرمتها.
قوله: «ولا يستفاد فيها» أي: لا يقتص في المساجد سواء كان القصاص في النفس أو فيما