«المساجد» جمع مسجد؛ أي: مكان السجود, وهو نوعان: الأول: مكان مخصوص كالمساجد المعروفة المقامة في الأحياء. والثاني: عام لكل الأرض, فيكون محل السجود مسجدًا. دليل ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: «جعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا». والمراد بهذه الترجمة التي ذكرها المؤلف المراد الأول: المساجد الخاصة التي تبنى ليتخذها الناس مصلى, وأحكام المساجد كثيرة أفردها بعض العلماء بالتأليف لأهميتها, وبعض العلماء يذكر شيئًا منها في الباب المناسب, هل نقول أن المناسب أن تذكر هذه المساجد أي يذكر الكلام عليها حينما يتكلم عن طهارة بقعة المصلي أو أن تذكر في باب الجماعة؟ الجواب: لكل أحد من العلماء رأي في هذا والمقصود ألا تخرج عن إطار كتاب الصلاة لتعلقها بالصلاة.
240 - عن عائشة رضي الله عنه قالت: «أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ببناء المساجد في الدور, وأن تنظف وتطيب». رواه أحمد, وأبو داود, والترمذي, وصحح إرساله.
قولها رضي الله عنها: «أمر» الأمر هو طلب الفعل على وجه الاستعلاء بأن يقول السيد لعبده: افعل كذا, فإن كان على وجه التذلل فهو دعاء ومسألة, وإن كان من القرين لقرينه فهو التماس, هكذا قال علماء البلاغة, فإذا توجه الأمر من الله أو من رسوله فهو أمر يقصد به الفعل.
وقولها رضي الله عنها: «أمر ببناء المساجدد». «أمر» لم تذكر الصيغة التي وقعت من النبي صلى الله عليه وسلم, هل قال مثلًا: ابنو المساجد في الدور, أو قال: لا تخلو الدور من المساجد, أو ما أشبه ذلك؟ فيقال: الأصل أن يحمل قول الصحابي أمر بكذا على الأمر الحقيقي, وهو ابنوا المساجد.
فإن قال: قائل: ربما يفهم الصحابي الخبر أمرًا؟
فالجواب: هذا بعيد أن يفهم الصحابي الخبر أمرًا, ثم أبعد منه أن يحدث بما لا يتيقن أن النبي صلى الله عليه وسلم أراده, فقول بعض العلماء - رحمهم الله -: إن الصحابي إذا عبر بكلمة «أمر» ليس صريحًا في الأمر لاحتمال أن يظن الخبر أمرًا, هذا قول ضعيف جدًا ولا يعول عليه؛ لأن الصحابي يعلم صيغة الأمر؛ ولأنه لا يمكن أن يتكلم بما لا يعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم أراده.
وقولها رضي الله عنها: «ببناء المساجد في الدور» الدور جمع دار, والمراد بها: الأحياء, وسميت دورًا لاجتماع الدور فيها, «وأن تنظف وتطيب» تنظف من الأذى, وأعظمه النجاسة والقذر, وتطيب