هذا كراهة نفسية أو كراهة شرعية؟ بينا فيها احتمالين, ولكن تكون شرعية إذا خاف إذا نام ألا يستيقظ, أو أن يقوم في الثانية؛ فهنا نقول: الكراهة شرعية لا شك.
ومن فوائد الحديث - حديث أبي برزة -: كراهة الحديث بعد العشاء, لكنه وردا لتخصيص فيما إذا كان لحاجة أو مصلحة, فلو نزل بالإنسان ضيوف بعد صلاة العشاء فهل يجلس عندهم ويسكت ولا يتكلم بكلمة, أو يباسطهم الحديث؟ الثاني: لأن هذا فيه مصلحة وهو إكرام الضيف, كذلك لو تحدث الإنسان بعد العشاء لقراءة العلم وما أضبهه, هذا لا بأس به لأنه مصلحة, لو تحدث الإنسان بعد العشاء لإنقاذ غريق, أو لإعانة محتاج فهذا أيضًا جائز, وقد يجب في إنقاذ الغريق المهم أن له مخصصات.
ومن فوائد هذا الحديث - حديث أبي برزة -: المبادرة بصلاة الغداة لقوله: «كان ينفتل من صلاة الغداة حين يعرف الرجل جليسه» مع أنه يطيل القراءة بالستين إلى المائة.
ومن فوائده: إطالة القراءة في صلاة الفجر, ولذلك عبر الله عن صلاة الفجر بالقرآن فقال: {أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودًا} [الإسراء: 78].
ولذلك لم تقصر صلاة الفجر؛ لأنها تطول فيها القراءة كما قالت عائشة رضي الله عنها.
146 - وعندهما من حديث جابر: «والعشاء أحيانًا يقدمها وأحيانًا يؤخرها: إذا رآهم اجتمعوا عجل, وإذا رآهم أبطئوا أخر, والصبح: كان النبي صلى الله عليه وسلم يصليها بغلس».
«وعندهما» أي: البخاري ومسلم «والعشاء أحيانًا وأحيانًا» , يعني: ويصلي العشاء أحيانًا يعجلها, وأحيانًا يؤخرها, كيف هذا التفصيل؟ يقول: «إذا رآهم اجتمعوا عجل, وإذا رآهم أبطئوا أخره» , «اجتمعوا» , أي: الجماعة الذين يحضرون إلى المسجد, «عجل»؛ أي: قدمها في أول الوقت مراعاة لهم.
«وإذا رآهم أبطئوا أخر» لوجهين: مراعاة لفضيلة الوقت, ولأحوال الجماعة.
«والصبح: كان النبي صلى الله عليه وسلم يصليها بغلس» «الصبح» هذه مشغول عنها, الفعل الذي سلط عليها مشغول عنها, لكن هل الاختيار أن ننصبها, أو الاختيار أن نرفعها؟
الاختيار: أن ننصبها؛ لأنه سبقها أفعال تعطف على الجملة الفعلية؛ فيكون الاختيار النصب, ولذلك باب الاشتغال تجري فيه الأحكام الخمسة بالنسبة للإعراب, تارة يجب الرفع, وتارة يجب النصب, وتارة يستحب الرفع, وتارة يستحب النصب, وتارة يجوز الوجهان على التساوي حسب ما هو معروف في كتب النحو.