الأحمر, وهو الخط المعترض الذي يتبع الشمس, يكون أحمر, ما دام أحمر فوقت المغرب باقٍ, وإذا اضمحلت الحمرة ولو بقي البياض قد خرج وقت المغرب, ودخل وقت العشاء.
قال: «ووقت العشاء إلى نصف الليل» من أين؟ من مغيب الشفق؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يذكر الابتداء, علم أن هذا مبني على ما سبق على انتهاء الصلاة التي قبلها إلى نصف الليل الأوسط.
قوله: «الأوسط» هنا صفة كاشفة ليست مقيدة لأن نصف الليل هو وسط إلى نصف الليل الأوسط, ووقت صلاة الصبح.
قال: «من طلوع الفجر ما لم تطلع الشمس» , قال: «من طلوع» , ولم يقل: وقت الفجر ما لم تطلع؛ وذلك لأن بين وقت العشاء ووقت الفجر مدة ليست وقتًا للعشاء ولا للفجر. هذه هي الأوقات.
الأوقات إذن خمسة: وقد أشار الله - تبارك وتعالى - إليها في الكتاب العزيز؛ فقال - جل وعلا -: {أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل} [الإسراء: 78]. جعل الله - تبارك وتعالى - هذا وقتا واحدًا, دلوك الشمس - يعني: زوالها - إلى غسق الليل؛ أي: ظلمته, ومن المعلوم أن الله عز وجل لم يرد ابتداء الظلمة, بل انتهاء الظلمة, وانتهاء الظلمة يكون عند منتصف الليل؛ لأن هذا أبعد ما تكون الشمس عن الأرض, ثم قال: {وقرآن الفجر} [الإسراء: 78]. ففصل؛ لأن ما بين نصف الليل إلى طلوع الفجر ليس وقتًا, هذا الذي يدل عليه القرآن, وتدل عليه السنة كما سمعتم في حديث عبد الله بن عمرو.
وأما قول بعض العلماء: إن العشاء لها وقتان: وقت ضرورة, ووقت اختيار, وأن وقت الاختيار إلى نصف الليل, ووقت الضرورة إلى طلوع الفجر, فلا دليل عليه, وينبني على هذا الخلاف: لو أن امرأة حائضًا طهرت بعد منتصف الليل فإنها على القول الراجح لا تجب عليها صلاة العشاء؛ لأنه خرج وقتها, وعلى القول بأنها تمتد إلى طلوع الفجر تلزمها, ثم إذا لزمتها صلاة العشاء فهل تلزمها صلاة المغرب؟ فيه خلاف, والصواب: أنها لا تلزمها, يعني: الصواب أن المرأة إذا طهرت في وقت الصلاة الثانية لم تلزمها الصلاة التي قبلها؛ إذ لا دليل على هذا.
مرة ثانية نقول: الأوقات هذه دل عليها القرآن إجمالًا, والسنة تفصيلًا, وعرفتم كيف قدرها النبي صلى الله عليه وسلم, وفي ذلك الوقت ليس هناك ساعات, الآن تقدر بالساعات, فمثلًا من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس الغالب أنه تسعون دقيقة, وقد يزيد وقد ينقص, ومن غروب الشمس إلى مغيب الشفق كذلك الغالب أنه تسعون دقيقة, وقد يزيد وقد ينقص, ولكن ليست الزيادة
والنقص في صلاة الفجر تابعة للزيادة والنقص في صلاة المغرب, يقول شيخ الإسلام رحمه الله: «من ظن أن حصتيهما واحدة فقد أخطأ خطأ بينا»؛ لأنه يختلف, قد نقول الحصة: ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس, وتنقص ما بين غروب الشمس إلى مغيب الشفق, وقد تتساويان, وقد يزيد هذا على هذا بالنسبة للظهر والعصر.
بعض الناس يقول: إنك تقسم ما بين الزوال إلى الغروب نصفين بالساعات, وتضيف إليه نصف ساعة فحينئذ يدخل وقت العصر, لكن تتبعته كثيرًا فوجدته لا ينضبط؛ لأن الشمس يختلف سيرها باعتبار الصيف والشتاء, لكن