إلى هذا قوله تعالى: {ولن ينفعكم اليوم إذ ظلمتم أنكم في العذاب مشتركون} [الزخرف: 39]. لكن في الدنيا إذا اشترك المجرمون في العذاب هان عليهم, وقالت الخنساء ترثي أخاها صخر: [الوافر]

وما يبكون مثل أخي ولكن ... أسلي النفس عنه بالتأسي

فأخبرها النبي صلى الله عليه وسلم أن هذا شيء كتبه الله على بنات آدم, وليس خاصًا بك, وليس الأمر بيديك, فقال لها: «افعلي ما يفعل الحاج غير ألا تطوفي بالبيت» , «افعلي» الأمر هنا للإرشاد, ويبقى إذا كان للإرشاد ما كان مأمورًا به في الحج على سبيل الوجوب واجبًا, وما أمر به على سبيل الاستحباب يكون مستحبا.

ويحتمل أن يكون الأمر هنا للإباحة, يعني: لك أن تفعلي ما يفعل الحاج غير ألا تطوفي بالبيت, وقوله: «الحاج» المراد به: الجنس؛ فيشمل الذكر والأنثى, «غير» هذا استثناء من عموم الأحوال أو من قوله «ما» في: «ما يفعله الحاج غير ألا تطوفي بالبيت» , يعني: طواف القدوم؛ لأنها ستقدم وهي حائض, ولم يذكر النبي صلى الله عليه وسلم السعي, لكنه ذكره مالك رحمه الله في موطئه بإسناد صحيح, وكذلك البخاري ذكر أنها لما طهرت طافت وسعت؛ ولهذا يكون عدم ذكره في بعض الروايات لا ينافي ذكره في الروايات الأخرى, وقوله: «حتى تطهري» حتى للغاية, يعني: حتى تطهري من الحيض, والطهارة من الحيض هو انقطاع الدم متى انقطع الدم فهي الطهارة, وما بعد انقطاع من الحيض, والطهارة من الحيض هو انقطاع الدم متى انقطع الدم فهي الطهارة, وما بعد انقطاع الدم ليس بشيء سواء كان أبيض أو أصفر أو كدرة, متى انقطع الدم - دم الحيض المعروف - فإنها تكون طاهرة.

فيستفاد من هذا الحديث فوائد: أولًا: جاء به المؤلف في كتاب الحيض ليبين أن الحائض لا تطوف بالبيت, وهذا أمر مجمع عليه.

ويستفاد من هذا الحديث فوائد منها: جواز إدخال الحج على العمرة عند تعذر إتمامها؛ لأن عائشة أرشدها النبي صلى الله عليه وسلم إلى جواز إدخال الحج على العمرة؛ لأنه قال لها - عليه الصلاة والسلام -: «اجعليها عمرة».

ولكن إذا لم يكن هناك حاجة فهل يجوز أو لا يجوز؟

من العلماء من قال: أنه لا يجوز؛ لأن الله تعالى قال: {وأتموا الحج والعمرة لله} [البقرة: 196]. وهذا لم يتم العمرة؛ ولأنه لم ينتقل إلى نسك أفضل بل إلى نسك مفضول؛ لأن الإنسان سينتقل من التمتع إلى القران, والتمتع أفضل, وليس كالذي يحول الإفراد أو الإقران إلى تمتع؛ لأن هذا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015