مما يتعلق باتباع الجنازة أن متبع الجنازة له أجر، ان شهدها حتى يصلي عليها فله قيراط، وإن شهدها حتّى تُدفن فله قيراطان، قيل: وما القيراطان يا رسول الله؟ قال: «مثل الجبلين العظيمين أصغرها مثل أحد». إذا كان مع الجنازة منكر مثل أن يكون المشيعون لها يصطحبون ما يسمونه بالموسيقى الحزينة وما أشبه ذلك، إذا كان معه موسيقى حزينة ولا يمكن أن تغيره فلا تتبعه؛ لأن كل شيء فيه منكر لا يمكنك تغييره، فإن حضوره حرام عليك.
ومما يتعلق باتباع الجنازة أنه ينبغي لمن يتبع الجنازة أن يكون مفكرا في مآله متعظا بما يشاهد، فهذا الرجل الذي [هو] اليوم محمول على الأكتاف، كان بالأمس هو يحمل الناس على كتفه، وهذا الرجل الذي كان أمس يمشي على ظهر الأرض هو الآن سوف يدفن في باطن الأرض، وهل أنت بعيد من ذلك؟
لا تدري لعله تمضي سويعات فيفعل بك ما فعل به، فينبغي لتابع الجنازة أن يفكر في أمره ومآله، خلافا لبعض الناس الذينَ إذا اتبعوا جنازة صاروا يقهقهون ويتكلمون في أمور الدنيا، ويقولون: ماذا بعت اليوم، وماذا اشتريت، وماذا أكلت، وماذا شربت، ما أحسن هذا الثوب وغير ذلك هذا غلط، المقام لا يقتضي هذا ولكل مقام مقال.
1380 - وعن أبي هريرة (رضي الله عنه) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): «انظروا إلى من هو أسفل منكم، ولا تنظروا إلى من هو فوقكم، فهو أجدر ألا تزدروا نعمة الله عليكم». متفق عليه.
انظروا: الأمر هنا للإرشاد، وقوله: «انظروا» هل المراد: النظر بالعين يعني: بالبصر أو بالبصيرة؟
الثاني، النظر بالبصيرة، وقوله «إلى من هو أسفل منكم» يعني: بنعمة الله عليه، سواء كانت النعمة دينية أو دنيوية، لا تنظر لمن فوقك، بل انظر إلى من هو دونك، وعللها الرسول (صلى الله عليه وسلم) فقال: «فهو أجدر ألا تزدروا نعمة الله عليكم»، ونعمة الله تشمل نعم الدين ونعم الدنيا، وهذا من الإرشاد الحكيم؛ لأنه لاشك أن الله تعالى جعل الناس متفاوتين {انظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بعْضَهُمْ عَلَى بعْضٍ} [الإسراء: 21]. متفاوتين في المال، في العقل، في القوة، في الولد، في كل شيء، حتّى في الصورة الخلقية الناس يتفاوتون.
ويقال: إنه لا يمكن أن تجد اثنين متساويين في كل شيء حَتّى وإن تقاربوا في الشبه جدا فلابد أن يكون بينهم تفاوت، فإذا كانوا متفاوتين فمنهم العالي ومنهم النازل، وأنت لا تنظر إلى