أخر المؤلف كتاب العتق إلى آخر أحاديث الأحكام تفاؤلا بأن يعتقه الله تعالى من النار، وقدد سلك ذلك بعض أهل العلم، ومن العلماء من جعل كتاب العتق بعد المواريث؛ لأن صلته بالمواريث أن العتق يحصل به الولاء، والولاء أحد أسباب الإرث الثلاث فلكل من المؤلفين وجهة نظر ونسأل الله أن يعتقنا وإياهم من النار.
«العتق»: هو تحرير الرقبة وتخليصها من الرق، ولابد أن نعرف ما هي الأسباب التي يكون بها الإنسان - البشر- رقيقًا؛ لأنه لا يمكن أن نعرف العتق حتى نعرف الرق؟ الرق سببه شيء واحد، وهو الكفر ليس له سبب سوى ذلك ليس سببه الجوع؛ فيبيع الإنسان ولده أو ابنته، وإنما سببه الكفر، وذلك أن المسلمين إذا قاتلوا الكفار وغلبوا عليهم، واستولوا على نسائهم وذرياتهم؛ فإن هؤلاء النساء والذرية يكونون أرقاء بمجرد السبي، يعني: يدل أنهم كانوا أحرارًا في الأول ثم صاروا الآن أرقاء مملوكين للمسلمين.
فإذا السبب الوحيد للرق هو الكفر ثم بعد ذلك يأتي الإنتاج، فإذا أنتجت الأمة إنتاجا؛ فإن ما يأتي منها يكون رقيقا، إلا إذا أتت به سيدها، فإنه يكون حُرًا وتكون هي أم ولد، أو إذا استثني حملها، فإنه يكون حرا وما عدا ذلك، فإن حملها يكون رقيقا تبعا لأمه حتى لو تزوجت رجلا حرا وأتت منه بولد فالولد رقيق لسيدها ولهذا حرم الله على عباده أن يتزوج الإنسان أمة إلا بشروط قال تعالى {ذلك لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنكُمْ} [النساء: 25]. وألا يجد طولاً أي: مهر حُر؛ ولهذا قال الإمام أحمد: إذا تزوج الحرُّ أمة رق نصفه لأن أولاده يكونون أرقاء إلا بشرط.
إذن سبب الرق: الكفر أو النتاج من امرأة رقيقة، يأتي الآن دور العتق، العتق له أسباب متعددة، وإنما كثرت أسباب العتق دون أسباب الرق؛ لأن الشارع له تطلع وتشوف إلى التحرير ولهذا جعل له أسباب كثيرة من أجل أن يقل رق الناس بعضهم بعضًا، فالعتق يحصل بأمور: