والرجاء: ما في حصوله قرب كلاهما تمن يعني: طلب نفسي، لكن إن كان متعلقا فيما يعسر فهو تمن، وإن كان فيما قرب حصوله فهو رجاء، أنه لم يقض بين اثنين في تمرة أو في عمره.
هذا الحديث فيه: التحذير من تولي القضاء.
وفيه أيضا: مصادمة لما ثبت في الصحيحين من أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «فيمن حكم فاجتهد فأصاب فله أجران وإن أخطأ فله أجر»، ومصادم أيضا للحديث الذي فيه أن الرسول صلى الله عليه وسلم قسم القضاة إلى ثلاثة أقسام.
وبناء على ذلك يكون هذا الحديث إما باطلا وإما شاذا شذوذا عظيما؛ لأننا لو أخذنا به لفر الناس كلهم من القضاء مع أن تولي القضاء فرض كفاية لا يمكن للناس أن يكونوا بلا فاض، ثم إنه مصادم للأحاديث الصحيحة التي تدل على أن القاضي العادل ممن يظله الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله وإن كان الحديث واردا في الإمام العادل، لكن قد يسمى القاضي إماما باعتبار أن يقتدى به، وقد لا يسمى فلا يستحق أن يظل في ظل الله، لكنه لا شك مأجور، وكيف يحاسب هذا الحساب الشديد الذي يتمنى أنه لم يقض بين اثنين في تمرة واحد وهو عادل؟ هذا غير موافق لحكمة الله.
فالصواب: أن هذا الحديث باطل أو شاذ، المهم: أنه لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم وبناء على ذلك لا نحتاج أن نلتمس ما فيه من فوائد؛ لأن الجدار إذا انهدم لا يصخ أن يسقف عليه.
1336 - وعن أبي بكر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة». رواه البخاري.
الفلاح هو: حصول المطلوب والنجاة من المرهوب، فقوله تعالى: {قد أفلح المؤمنون} [المؤمنون: 1]. أي: قد حصلوا على مطلوبهم ونجوا من مرهوبهم، وهو قريب من معنى الفوز، و"قوم" نكرة في سياق النفي الذي هو النفي المستفاد من "لن"، فيعم كل قوم ولو أمرهم امرأة، وقوله: "ولوا أمرهم" أي: شأنهم وتدبير أمروهم سياسيا وعسكريا واجتماعيا وغير ذلك، والمرأة معروفة، و"امرأة" أيضا نكرة في سياق النفي فتعم أي امرأة حتى لو كانت أذكى بنات آدم في عهدها، فإن من ولاها لن يفلح، و"لن" للمستقبل فتعم جميع الزمن.