[فائدة]: الإلجاج: هو المنع أو الحثُّ أو التصديق أو التكذيب، مثال المنع: أن يقول والله لئن فعلت كذا لأصومنَّ سنة، هل قصده الطاعة؟ لا، ولا نذر شيئًا مباحًا، إنما علَّق نذره بهذا ليمنع نفسه من فعله، الحثُّ مثل أن يقول: والله إن لم أفعل كذا لأصومنَّ سنة، هذا مقصود به حث نفسه على الفعل، التصديق هذا في مقابلة المخاطب، أخبر بخبر فقال: حصل كيت وكيت، فقال له المخاطب: كذبت، قال: إن كنت كاذبًا فلله عليَّ نذر أن أصوم سنة كاملة، غرضه بهذا أن يحمل المخاطب على التصديق، العكس إذا أخبره المخاطب بخبر فقال: إن كان ما أخبرتني به حقًا فلله علىَّ نذر أن أصوم سنة ما المقصود؟
سبق لنا أن القضاء هو: بيان الحكم الشرعي والإلزام به، وأن الفتوى: بيان الحكم الشرعي دون الإلزام، ونقول: إن القضاء من أفضل الولايات التي يقوم بها المسلم؛ لأنه ينفذ حكم الله في عباد الله، ولأنه إذا لم يتول القضاء من هو أهل له تولاه من ليس بأهل له؛ ولهذا قال العلماء: إن تولي القضاء فرض كفاية إن قام به من يكفي وإلا تعين عليه، وتهرب بعض السلف منه؛ لأن العلماء في وقتهم كثيرون وإذا تهرب إنسان وجدنا من تكون به الكفاية لكن إذا قلَّ العلماء الموصوفون فإنه لا ينبغي أبدًا أن يتهرب الإنسان منه.
وقول القائل: أخشى أن أجور في الحكم.
نقول: حتى وإن جرت في الحكم بعد الاجتهاد فلك أجر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا حكم الحاكم فاجتهد فأصاب فله أجران، وإن أخطأ فله أجر"، ثم إنك قد تخطئ وقد تصيب، لماذا تغلب جانب الخطأ؟ ! أليست الإصابة لمن أراد الحق واجتهد هي الأكثر؟ وإذا كانت هي الأكثر فلماذا نتهرب خوفًا من الأقل وقد قال الله تعالى لداود- عليه الصلاة والسلام-: {يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فأحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله} [ص: 26].
فهو ولاية من أفضل الولايات لما يحصل فيها من وصول الحقوق إلى أهلها وحقن الدماء وعقوبة المفسد وغير ذلك؛ لأن كل هذه الأشياء تمرُّ بالقضاء، فالتهرب عنه ليس في محله ولا