معتاد؟ قال: "لا"، قال: "فأوف بنذرك" الأمر هنا الظاهر أنه للإباحة إذا قصد بذلك المكان المعين، أما إذا قصد مطلق النذر فهو للوجوب، فقال: "أوف بنذرك" ثم علَّل فقال: "إنه لا وفاء لنذر في معصية الله" ولو كان هذا المكان فيه الوثن أو فيه عيد من أعياد المشركين لكان النذر نذر معصية. ولا في قطيعة رحم بأن يقول: لله علىّ نذر إن لم يأت قريبي بكذا وكذا ألا أكلمه هذا حرام؛ لأنه في قطيعة رحم، ومن هم الرحم الذين تجب صلتهم؟ هم قرابة الإنسان من الجد الرابع فأنزل كما ذكر العلماء هذا في كتاب الوقف أنه لو وقف على قرابته، فإنه يكون من الجد الرابع وما نزل، "ولا فيما لا يملك ابن آدم" يعني: من الأمور التي لا يملكها شرعًا أو لا يملكها قدرًا، فلو نذر شيئًا مستحيلاً قلنا: لا نذر في المستحيل، ولكن هل يجب عليه الكفارة، سبق الكلام عليه.
في هذا الحديث فوائد: منها: جواز تعيين المكان للنذر إذا كان هذا لغرض صحيح، فلو نذر أن يتصدق بالمدينة ثم أراد أن ينقله إلى بيت المقدس فلا يصح؛ لأنه انتقل إلى مفضول.
ومن فوائد هذا الحديث: أنه لا يجوز الذبح لله حول الأصنام والأوثان، وجهه أن النبي صلى الله عليه وسلم رتب الإباحة على انتفاء الوثن، فدل هذا على أنه لو وجد الوثن، فإنه لا يجوز أن تذبحه ولو كان الذبح لله، لئلا يغتر أحد بفعله، حيث يظن أنه ذبح لغير الله، وهذا يتفرع عليه فائدة أخرى أكبر، وهو: سد ذرائع الشرك ولو كانت بعيدة.
ومن فوائد الحديث: أنه لا يجوز أن نخص المكان إذا كان مخصوصًا لأعياد المشركين، دليله: "هل كان فيه عيد من أعيادهم؟ " لأنه لا يجوز موافقة المشركين في أعيادهم، وهو لو نذر وقضى النذر في الوقت الذي هو يوم عيد الكفار كان مشابهًا لهم، وعلى هذا يتبين أنه لا يجوز مشاركة الكفار في أعيادهم، وهذا- أعني مشاركتهم في أعيادهم- أن لم يكن كفرًا فهو حرام؛ لأن مشاركتهم في أعيادهم الدينية رضًا بدينهم، ومن رضي بدين يدان به لله عز وجل غير الإسلام فإنه كافر؛ لأنه مكذب للقرآن لأن الله يقول: {ومن يبتغ غير الإسلام دينًا فلن يقبل منه} [آل عمران: 85]. ولهذا لا يجوز لنا نحن المسلمين أن نشارك الكفار في أعيادهم الدينية؛ لأن هذا رضا بشعائر الكفر- والعياذ بالله-.
ومن فوائد الحديث: أنه إذا قوي الاحتمال وجب على المفتي الاستئصال وهنا الاحتمال قوي، إذ إنه يقال لماذا خصَّ هذا المكان؟ فلذلك استفصل النبي صلى الله عليه وسلم من هذا السائل، أما إذا