بقينا فيما نهى عن قتله إذا آذى فكانت تحفر تحت البلاط ويبقى البلاط في الهواء ويخرب هل تقتل؟ تقتل, لكن إن اندفعت بغير القتل فافعل وإن لم تندفع إلا بالقتل فاقتلها لأنه إذا كان المؤذي من بني آدم لا يندفع أذاه إلا بالقتل يجوز قتله فالنمل من باب أولى, لكن قد تندفع بغير القتل, فمن ذلك أن بعض الناس يحفظ قراءة للنمل يجلس على كرسي بين النمل الكثير ثم يقرأ آيات, فإذا هي ترحل فإذا وجد هذا الرجل قلنا تعال عندنا نمل آذانا, ووجدنا أيضًا مما يخفف من ضررها أو يصرفها أن تصب على جحرها جاز, وهذا شيء جربناه, على كل حال هي: إذا آذاك فلك قتلها إذا لم تندفع إلا بالقتل؛ لأن كل مؤذ يجوز قتله على العموم, وقد ذكر شيخ الإسلام قصة أظن ذكرتها لكم, يقول ابن القيم رحمه الله في كتابه "مفتاح دار السعادة": إنه حكي لشيخه ابن تيمية رحمه الله قصة رجل وجد ذرة فوضع أمامها طعمًا, فجاءت هذه الذرة تجره فعجزت, فذهبت إلى صاحبتها في البيت ودعتهم: هلموا إلى الطعام, فلما أقبلوا نزع هذا الطعم بحثوا لم يجدوا شيئًا, والنملة التي ندبتهم لما انصرف قومها بقيت لعلها تجد شيئًا فوضع الطعم مرة ثانية فجاءت إليه وتيقنت أنه موجود, ولكن عجزت أن تحمله فذهبت إلى قومها ودعتهم: فلما أقبلوا المرة الثالثة نزعه, فلما جاءوا فلم يجدوه يقول: اجتمع النمل عليها فأكلوها قتلوها وهذا أولاً- كيف لم يقتلوها أول مرة وإنما قتلوها بعد الثالثة؟ كأن الحيوان مفطور على أن التكرار ثلاثًا يغني عما زاد عنه, وثانيًا: ولا ينقص عن التكرار, فقال شيخ الإسلام: هذا صحيح؛ لأن كل شيء مفطور على كراهية الكذب وعقوبة الظالم, فهذه كذبت عليهم باعتبار ما ظنوا, وإلا فالمسكينة لم تجد الطعم, النهاية على كل حال نقول: إن النمل منهي عن قتله, لكن إن لم يندفع أذاه إلا بقتله فلا بأس, وكذلك البقية: النحلة والهدهد والصرد.
1274 - وعن ابن أبي عمار رضي الله عنه قال: "قلت لجابر: الضبع صيد هو؟ قال: نعم. قلت: قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم. رواه أحمد والأربعة, وصححه البخاري, وابن حبان. قال: "قلت لجابر", أولاً: ابن أبي عمار من التابعين؛ لأنه أدرك الصحابة, "الضبع صيد