أولا: أننا لا نسلم بوجود قسم من الماء يسمى طاهرا ليس فيه دليل.
وثانيا: لو سلمنا بهذا أو كان فيه دليل عليه؛ فإن هذا الحديث لا يدل عليه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يتعرض لحكم الماء إطلاقا وإنما وجه الخطاب لمن اغتسل، أما الماء فلم يتعرض له الرسول صلى الله عليه وسلم.
قال: وللبخاري: "لا يبولن أحدكم في الماء الدائم الذي لا يجري، ثم يغتسل فيه".
هذا فيه خصوص وعموم بالنسبة لما سبق، هنا قال: "ثم يغتسل فيه"، ولم يقل: "من الجنابة"، لكنه قيد هذا النهي عن الاغتسال بماء إذ بال فيه: فقوله: "لا يبولن": البول معروف، وقوله: "في الماء الدائم" فسره بقوله: "الذي لا يجري"، وقوله: "ثم يغتسل فيه" أي: ينغمس؛ لأن "في" للظرفية، والظرف يكون عاما للمظروف، فإذا جعلنا الماء ظرفا لزم من ذلك أن الإنسان ينغمس فيه، إذن هذا الحديث ليس الحديث الأول؛ لأن الحديث الأول نهى الرجل أن يغتسل وهو جنب، أما هذا فهو نهي الرجل أن يبول في الماء ثم يغتسل فيه، ولا شك أن هذا النهي موافق للحكمة؛ لأنه كيف تبول فيه والبول نجس، ثم تذهب لتطهر به أو تتنظف به، هذا غير لائق حتى الفطرة والطبيعة تنافي ذلك.