لأن وصفها بهذا الوصف يقتضي النفور منها لا عدم استعمالها للدواء، وهذا الحديث يكون مؤيداً للحديث الذي قبله لكن الذي قبله أعم.
فإن قال قائل: يوجد بعض السموم يتداوى بها الناس،
قلنا: إذا كانت في ظاهر الجلد فلا بأس؛ لأنه قد جرب هذا، وإن كان الإنسان يأكلها فينظر إذا كان في هذا الدواء جزء كبير من السُّم بحيث يقتل الإنسان صار استعماله حرامًا، وأما إذا كان فيها شيء يسير يقتل فيروس المرض، ولكنه لا يقتل الإنسان فهذا لا بأس به، ولهذا يقال الآن: إن الأدوية-الأقراص- فيها شيء من الكحول لكنه لا يؤثر من حيث الإسكار، نقول: إن هذا لابأس به؛ لأنه منغمر في جانب الشيء المباح.
إذا قال قائل: ما مناسبة هذين الحديثين لباب حد المسكر أفلا يقال: إن الأولى أن تجعل فى كتاب الجنائز؟ ما يعرض للإنسان من الشبهة في استعمال الخمر للدواء.
من فوائد الحديث: حرص الصحابة - ضي الله عنهم - على أن يتعلموا أمور دينهم قبل أن يقعوا فيا خلافًا لما عليه الناس اليوم؛ حيث يفعلون الشيء ثم بعد ذلك يسألون عنه إلا من شاء الله.
ومن فوائد الحديث: أن الخمر لايمكن أن تكون دواًء؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نفى ذلك حيث قال: "إنها ليست بدواء".
ومن فوائده ايضا: أن الخمر داء معنوي لأنها محرمة تمرض القلب وداء حسي لأنه يحصل من المضار بشربها أكثر مما يحصل من المنافع.