نصاب السرقة الموجب للقطع:

1180 - عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تقطع يد سارقٍ إلا في ربع دينارٍ فصاعدًا". متَّفقٌ عليه، واللَّفظ لمسلمٍ، ولفظ البخاريِّ: "تقطع يد السارق في ربع دينارٍ فصاعدًا".

- وفي رواية لأحمد: "اقطعوا في ربع دينارٍ، ولا تقطعوا فيما هو أدنى من ذلك".

هذه ثلاث روايات: الأولى يقول: "لا تقطع يد السارق إلَّا في ربع دينار" يعني: إلَّا إذا سرق ربع دينار، والدينار الإسلامي زنته مثقال من الذهب، وعلى هذا فتقطع في ريع مثقال من الذهب، وقوله: "فصاعدًا"، أي: فذهب القدر صاعدًا، وقد أعربها النحويون على أنها حال حذف منها عاملها وصاحبها، وتقدر في كل سياق بحسبه.

الحديث يقول: "لا تقطع إلَّا في ربع دينار فصاعدًا"، فلو سرق لمن دينار أو سدس دينار فلا قطع، إذا سرق ثلث دينار تقطع؛ لأن الثلث أكثر من [الربع] فيدخل في قوله: "فصاعدًا".

لفظ البخاري يقول: "تقطع يد السارق" وهو خبر بمعنى الأمر؛ لأن الخبر قد يأتي بمعنى الأمر كما في هذا الحديث وكما في قوله تعالى: {والَّذين يتوفَّون منكم ويذرون أزواجًا يتربَّصن بأنفسهنَّ أربعة أشهرٍ وعشرًا} [البقرة: 234]. وكما في قوله: {والمطلَّقات يتربَّصن بأنفسهنَّ ثلاثة قروءٍ} [البقرة: 228]. وكما في قول الرسول صلى الله عليه وسلم يهل أهل المدينة من ذي الحليفة، فقوله: "تقطع" هي خبر بمعنى الأمر؛ ولهذا أتى المؤلف رحمه الله برواية أحمد التي فيها "اقطعوا في ربع دينار" هذا يوافق رواية البخاري: "ولا تقطعوا فيما هو أدنى من ذلك" يوافق رواية مسلم فتكون رواية أحمد جمعت بين الروايتين.

فيستفاد من هذا الحديث فوائد: أولًا رأفة الله عز وجل بالعباد في كون الشيء اليسير لا قطع فيه.

وثانيًا: أنه لابد من نصاب لقطع السرقة، والتصاب هنا ربع دينار، فإذا سرق ما دون ذلك فلا قطع.

فإن قال قائل: ألم يقل النبي صلى الله عليه وسلم: "لعن الله السارق يسرق البيضة فتقطع يده، ويسرق الحبل فتقطع يده" فكيف نجمع بين الحديثين؟

نقول: إن قول الرسول صلى الله عليه وسلم: "لعن الله السارق يسرق البيضة" يحمل على بيضة تبلغ قيمتها ربع دينار، وهذا يمكن في زمن المسغية يمكن أن تصل البيضة دنانير، وقد وقع هذا في زمننا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015