أحد وجهين ولابد إما أنه أبله لا يعرف من صاحبه عليه من الانحراف، وإما أنه موافق له في انحرافه، هو أيضًا قدح في حكمة الله -جل وعلا- حيث يختار لمحمد صلى الله عليه وسلم وهو أفضل النبيين مثل هؤلاء الأصحاب الذين انتهزوا الفرصة ثم ارتدوا بعد موته وفسقوا هذا من أسفه السفه والرب عز وجل يُنزه عنه وبهذا تبين أنه لا إشكال في أن من كفر الصحابة فهو كافر أو فسقهم إلا قليلاَ فهو كافر أو فسقهم فهم كافر بل قال شيخ الإسلام لا شك في كفر من لم يكفره لأنه يترتب عليه هذه المفاسد التي سمعتموها، إذن الخلاصة أن هناك أشياء لا تقبل فيها التوبة على المشهور من المذهب وهي من سب الله أو رسوله أو القرآن أو الصحابة أو زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم؛ لأن كل هذا ينافي الدين، هناك أشياء أيضًا قال الفقهاء أنه لا تقبل توبة من ارتد بها وهي توبة الزنديق -وهو عند الفقهاء المنافق- الذي يظهر الإسلام ويبطن الكفر قالوا هذا لا تقبل فيها التوبة على المشهور من المذهب وهي من سب الله أو رسوله أو القرآن أو الصحابة او زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم؛ لأن كل هذا ينافي الدين، هناك أشياء أيضًا قال الفقهاء إنه لا تقبل توبة من ارتد بها وهي توبة الزنديق -وهو عند الفقهاء المنافق- الذي يظهر الإسلام ويبطن الكفر قالوا هذا لا تقبل توبته قلنا: لم؟ قال لأن الرجل يظهر أنه مسلم من الأصل إذا سألته قال: أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله وأصلي الصلوات فيظهر الإسلام قالوا هذا لا تقبل توبته إذا علمنا أنه منافق لأنه لم يظهر لنا إلا الإسلام فلا نقبل توبته هذا هو التعليل لكنه تعليل في مقابلة النص، فإن الله صرح في القرآن بقبول توبة المنافق لكنه سبحانه وضع قيودًا وشروطًا فقال: (إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيراً * إلا الذين تابوا وأصلحوا واعتصموا بالله وأخلصوا دينهم لله) [النساء: 145، 146]. أربعة قيود (فأولئك مع المؤمنين) ولهذا نتحرز بقوة ي قبول توبة المنافق لا نقبل مباشرة بل نمهله ونسبر حاله وننتظر وهذا هو الصحيح لدلالة القرآن عليه، وقد أشار إليه السفاريني في عقيدته فقال:

قلت وإن دلَّت دلائلث الهدى ... كما جرى للعيلبوني اعتدى

إذا دلت القرائن على أن هذا الزنديق هذا المنافق مسلم حقيقة فإننا نقبل منه السابع من تكررت ردته، يعني: ارتد ثم أمسكناه فرجع للإسلام فأطلقناه، ثم ارتد ثانية فأمسكناه فأسلم فأطلقناه، ثم ارتد ثالثة فهنا تكررت ردته قالوا: هذا لا تُقبل توبته؛ لأنه متلاعب، إذ كيف أمس يقول إنه قد كفر ثم يقول: إنه قد أسلم وهكذا، فلا نقبل توبته واستدلوا بقوله تعالى: (عن الذين أمنوا ثم كفروا ثم أمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفرًا لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم سبيلاً) [النساء: 137]. الذي تتكرر ردته لا تقبل ثوبته لأنه متلاعب وللآية، ولكننا نقول: اما الآية فلا دليل فيها؛ لأن نهاية من تكررت ردته فيها أنَّا ازداد كفرًا وهذا يقال في حقه إنه يبعد أن يهتدي للإسلام بل لا يمكن أن يهتدي للإسلام لأن الله قال: (لم يكن الله ليغفر لهم) وهذا، يعني: أنهم لا يمكن أن يتوبوا بعد هذا التكرار والزيادة في الكفر لكن إذا علمنا أن الرجل أخلص حقيقة وتاب، وقال: أنا أخطأت فلماذا لا نقبل توبته؟ وأما كونه متلاعبًا فإن كل مرتد متلاعب مستهزئ غير مبالٍ بما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015