على الهناة، يقصد عبد الله بن عباس ولكن الفضل أكبر منه، والهناة ما يعاض على المرء، وهذا إقرار من علي رضى الله عنه بان الصواب مع عبد الله بن عباس قوله: "من بدل دينه فاقتلوه" "من" هذه للعموم.
فيستفاد من الحديث فوائد: أولاً: أن من بدل دينه وجب قتله من رجل أو امرأة ولكن بشرط أن يكون بالغًا، وأما الصغير فإنه قد رُفع عنه القلم، وقيل: بل يكفر التمييز إذا كان مميزًا وارتد فإنه يقتل إذا لم يرجع إلى الإسلام، لكن المشهور الأول أنه لابد أن يكون بالغًا عاقلاً فإن كان غير بالغ أو غير عاقل فلا عبرة بردته لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "رُفع القلم عن ثلاثة" وعلى هذا فيكون قوله "من"هذا العام يكون عامًا أريد به؟ البالغ العاقل ويشمل المرأة والرجل.
وهل من فوائد الحديث: أنه لو تهود نصراني أو تنصر يهودي قُتل؟ كله باطل والكفر ملة واحدة وهذه المسألة فيها خلاف فذهب بعض العلماء أن اليهودي إذا تنصر أو النصراني إذا تهود يقتل لأنه انتقل عن شيء يعتقده دينًا فهو دينه ويكون بهذا الانتقال ساخرًا بآيات الله التي يرى أنها حق ولكن لو كان صاحب هذا الرأي قال إن تهود نصراني قتل وإن تنصر يهودي لم يقتل لكان اقرب إلى المعقول لأن اليهودي إذا تنصر إلى دين خير من دينه لأنه ناسخ له بخلاف العكس، لكن القول هذا ضعيف فالحديث لا يشمله لا شك والدليل على أن الحديث ليس على عومه من كل صورة أننا لو أخذنا بعمومه في كل صورة لكان الرجل إذا أسلم وهو كافر يُقتل لأنه بذل دينه ولا قائل به وعلى هذا فنقول إذا انتقل الكافر للإسلام فإنه لا يقتل بالإجماع وإذا انتقل كافر من ملته إلى ملة أخرى ففيه خلاف والصحيح أنه لا يقتل لأن كلا الدينين باطل لكن بعض العلماء يقول إنه إذا تهود نصراني أو تنصر اليهودي فإنه لا يقبل منه إلا الرجوع إلى دينه أو الإسلام؛ لأنه متلاعب، لكنه لا يقتل، بل يقال: ارجع لدينك أو الإسلام.
الصورة الثانية: أن ينتقل من الإسلام إلى الكفر فهذا هو الذي يقتل وهذا هوة المراد وعلى هذا فقوله: "من بدل دينه" أي: دينه الذي يرتضيه الله والذي هو دينه شرعًا؛ لأن الدين غير دين الإسلام وإن كان دين الإنسان قدرًا فليس دينه شرعًا ويكون المراد من بدل دينه الشرعي ولا دين شرعي إلا الإسلام، فيكون إذن الحديث من ارتد عن الإسلام إلى دين آخر وجب قتله، وإنما يقتل؛ لأنه انتقل إلى ما لا يرضي الله؛ لأنه انتقل من الإسلام إلى الكفر إما إذا انتقل من