ومن فوائده: أنه لو كان للإنسان بيت يشرف على بيت الثاني وجب عليه أن يرفع الجدار حتى لا يطلع على بيت جاره وجهه أن النبي صلى الله عليه وسلم حرم الاطلاع على البيوت وإذا كانت الجدران قصيرة أو كانت الشبابيك في الجدران قصيرة فهذه وسيلة للإطلاع؛ ولهذا قال الفقهاء في باب أحكام الجوار قالوا يلزم الأعلى سترة تمنع مشارفة الأسفل، ولكن هنا مسألة هل يفرق بين الجار الملاصق والجار الذي بينك وبينه طريق؟ نقول لا فرق لأن العلة هي الاطلاع على بيوت الناس وهل يفرق بين جار تقدم أو تأخر، يعني: مثلاً لو كان الذي جداره قصير أو شبابيكه قصيرة سابقًا عليك وأنت الذي أحدثت بناء بعده فهل نقول للأول أرفع الجدار أو تقول أنت الذي وردت عليه؟ الصحيح انه لا فرق بين المتقدم والمتأخر، لأن الناس جرت عادتهم أن يبني بعضهم بجنب بعض حتى لو فرض أنك آخر البناء وأنك ظننت أنه لن يبني أحد وراءك ثم بنى فإن عليك أن تتخذ جدارًا طويلاً يمنع مشارفة جدارك.

ومن فوائد الحديث: أن للإنسان أن يُطلع غيره على ما في داخل بيته وجه ذلك قوله: "بغير إذن" والحكمة ظاهرة لأن حجاب البيوت حق لأهل البيوت فإذا رضي صاحب البيت أن يدخل الإنسان إلى بيته وينظر ما فيه فلا حرج لأن هذا حق له ولكن إذا كان في البيت أناس متعددون فلا تطلعهم على حجرة الآخرين بغير إذنهم أما حجرتك الخاصة فأنت حر فيها.

ومن فوائد الحديث: أنه لا يشترط لحذفه تقدم الإنذار وجهه أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يشترط لجواز الحذف تقدم الإنذار ويتفرع على هذه الفائدة أن حذفه ليس من باب دفع الصائل ولكنه من باب عقوبة المعتدي إذ لو كان من باب دفع الصائل للزم أولاً إنذاره ثم إن بقي وأصر عُمل فيه هذا العمل لكن هذا من باب عقوبة المعتدي وذكرت لكم نظيرًا وهو من رأى شخصًا يزني بامرأته أو فوقها ثم قتله فلا شيء عليه.

ومن فوائد الحديث: أنه لو فقأ عينيه جميعًا فإنه ضامن للعين التي لم تطلع وجه ذلك أن فقأ العين التي لا تنظر فقأ في غير محل الجناية فيضمنها كما لو أصاب جبهته أو خده أو أنفه.

ومن فوائد الحديث: أنه لا يجوز أن يحذفه بما يقتله لقوله فحذفته بحصاة ولم يقل بسهم فلو حذفه بما يقتله ثم مات فإنه يكون ضامنًا.

ومن فوائد الحديث: حماية الشريعة الإسلامية لعورات الناس حتى في البيوت وجه ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم أجاز العقوبة لمن انتهك حرمة البيت واطلع على العراة وهل يؤخذ من الحديث جواز إقامة الحد والقصاص ممن له الحق، يعني: مثلاً إنسان قُذف قذفه رجل قال أنت زان والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء يجلدون ثمانين جلدة فهل لهذا المقذوف

طور بواسطة نورين ميديا © 2015