العلماء- وحكي إجماعًا- على أن الرجل يقتل بالأنثى، وقال بعض العلماء: إنه إذا قتل فلابد من أن يسلم لأوليائه نصف الدية ثم أوردنا إشكالًا بالنسبة للآية وقلنا: الآية منطوقها أن الأنثى تقتل بالأنثى، مفهومها أن الرجل لا يقتل بالأنثى ولا الأنثى بالرجل، ولكن قتل الأنثى بالرجل من باب أولى فتكون دلالة الآية على انتفائه دلالة مفهوم ودلالة السُّنة على ثبوته دلالة في قوة المنطوق فتكون أولى ثم عموم قوله المؤمنون تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم وعموم النفس بالتنفس يدل على ثبوت القصاص، إذا قتل أب ابنه أيقتل به؟ قلنا: نعم، يقتل على العموم لكن جمهور العلماء على أن الوالد من أب أو أم لا يقتل بولده واستدلوا لذلك بحديث فيه مقال لا يقتل والد بولده وهو يعم الأنثى بالنسبة لأولادها والأب بالنسبة لأولادها والأب بالنسبة لأولاده أيضًا هذا دليل من الأثر: ودليلهم من النظر أن الوالد هو السبب في وجود الولد فلا ينبغي أن يكون الولد سببًا في إعدامه فهو السبب في إيجاده، وعلى هذا فيكون قتل الوالد بولده مستثنى من قوله صلى الله عليه وسلم: (النفس بالنفس).
مسألة: هل يقتل الوالد بولده؟
وذهب بعض أهل العلم إلى أن الوالد يقتل بالولد واستدلوا بالأثر فقالوا: لدينا عموم الحديث النفس بالنفس وعموم الآية {أن النفس بالنفس} وعموم قوله تعالى: {فمن آعتدى عليكُم فآعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكُم} والنظر أن قتل الولد أعظم جناية من قتل الأجنبي فكيف يسقط القصاص في قتل الولد مع أنه أعظم جناية من قتل الأجنبي، وكان الأولى أن يقال: إذا ثبت القصاص في الأجنبي فليثبت في قتل الولد، وأما ما استدل به القائلون بمنع قتل الوالد بالولد فهو أثر ضعيف لا يقاوم عموم قوله: (النفس بالنفس) والنظر الذي استدلوا به أيضًا ضعيف، علة معلولة، لأن الولد لما قّتل لم يكن سببًا في إعدام أبية من السبب؟ الأب هو السبب هو الذي فعل سببًا يقتضي إعدامه فجنى على تقدير صحته إنما نفى قتل الوالد بالولد لأن الغالب أن قتل الوالد لولده لا يكون إلا عن خطأ، فإن أرحم الناس بالناس