كتاب الجنايات
"الجنايات": جمع جناية، وهي: التعدي على النفس أو البدن أو المال، والمراد هنا: التعدي على البدن بما يوجب قصاصًا أو مالًا، فهي أخص من المعنى اللُغوي، وهذا هو الغالب في الحدود، أي: أن تكون أخص من الاصطلاح منها في اللغة، إلا في مواضع يسيرة مثل: الإيمان في اللغة: التصديق، وفي الشرع: تصديق وقول وعمل، فهو أعم من المعنى اللغوي.
وذكر المؤلف وغيره الجنايات بعد أن ذكر ما يتعلق بكمال النفس فالعبادات قبل كل شيء وبعدها المعاملات لأن الإنسان يحتاج إليها، ثم الأنكحة وما يتعلق بها والعدد ثم النفقات لاحتياج البدن إليها، وما يتبعها من الرضاع والحضانة ونحو ذلك ثم العدوان، وذلك لأن الاعتداء يكون في الغالب عند تمام النعم، حيث يكون الأشر والبطر إذا تمت النعمة حصل من بني آدم أشر وبطر وجناية وعدوان، ولهذا نجد أن الفقراء تلحقهم الذلة والمسكنة، ولهذا يسمون مساكين.
حكم الجنايات بجميع أنواعها التحريم:
والجنايات محرمة مطلقًا سواء على البدن أو على المال أو على العرض لقول النبي صلي الله عليه وسلم في حجة الواداع وهو يخطب الناس "إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام" ولقوله تعالى في الحديث القدسي: "يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرمًا فلا تظالموا".
مراتب الجنايات وأقسامها"
وأعظم الجنايات الجناية على النفس لقوله تعالى: ? ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنُون? [الفرقان: 68]. فبدأ بقتل النفس قبل العرض وهو الزنا لأنه أعظم ما يكون من الذنوب بعد الشرك بالله عز وجل وقد قسم العلماء الجنايات إلى أقسام ثلاثة: العمد، وشبه العمد، والخطأ، فالعمد أن يتعمد الجناية فيما يقتل غالبًا على معصوم، مثل أن يرى