ومن فوائد الحديث: أن ظاهره أنه لا فرق بين أن تتزوج بزوج قريب من المحضون أو بعيد منه، ووجه العموم "ما لم تنكحي" لكن سيأتينا في حديث البراء بن عازب ما يخالف ذلك.
فإذا قال قائل: هل من ضابط يضبط من يقدم في الحضانة؟
نقول: نعم ذكر العلماء ضوابط، لكن اختلفوا واضطربوا فيها اضطرابا كثيرا، وذلك لأنه ليس هناك دليل يفصل تفصيلا واضحا، وأحسن ما ذكر في هذا ما ذهب إليه شيخ الإسلام ابن تيمية ورأيته يتلخص في البيتين الآتيين:
وقد الأقرب ثم الأنثى ... وإن يكونا ذكرا وأنثى
فأقرعن في جهة وقدم ... أبوة إن لجهات تنتمي
قوله: "وقدم الأقرب" يعني: لو اجتمعت جدة وأب فهنا يقدم الأب لأنه أقرب، أم وجدة الأم، تقدم الأم، لأنها أقرب، "ثم الأنثى" إذا كانا سواء في القرب فقدم الأنثى فأم وأب الأم، جد وجدة الجدة، خال وخالة الخالة، عم وعمة العمة وهلم جرا، ووجه ذلك القياس على الأب والأم حيث قضى النبي صلى الله عليه وسلم بأنه للأم مع نزاع الأب لأنهما في القرب سواء فقدم النبي صلى الله عليه وسلم الأنثى ولأن الأنثى في الغالب أشد شفقة وحنانا من الذكر وإن يكونا ذكرا أو أنثى يعني: أن يكون اثنين ذكور اثنين إناث فأقرعن في جهة: أقرع بين الذكرين، أو بين الأنثيين إذا كانا في جهة، مثاله: عمان تنازعا في الحضانة ابن أخيهما فمن يقدم، يقرع بينهما، عمتان تنازعتا في الحضانة ابن أخيهما ما نعمل؟ نقرع لأنه لا فضل لواحد على الآخر والقرعة تعين المبهم.
فإن قال قائل: القرعة مبنية على الحظ والنصيب وهذا غرر -ميسر- فكيف تجوز القرعة؟ قلنا: تجوز بالأثر والنظر ففي كتاب الله قصتان أقرع فيهما القصة الأولى: (وما كنت لديهم إذ يلقون أقلمهم أيهم يكفل مريم) [آل عمران: 44]. تنازعوا في كفالة مريم واقترعوا، والقصة الثانية يونس (فساهم فكان من المدحضين) [الصافات: 41]. أما في السنة فوردت في عدة أشياء منها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا" ومنها النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد سفرا أقرع بين نسائه فأيتهن خرج سهمها خرج بها وأما النظر فلأن الذين أقرع بينهم قد تساووا في الحقوق بدون مرجح ولا يمكن الجمع لأنه لا