ويقول شيخ الإسلام رحمه الله. إن الصحابة قالوا في النذر: إذا أراد به المنع إنه حكمه حكم اليمين ولم يقولوا ذلك في الطلاق لأنه لم يعرف الحلف بالطلاق في عهد الصحابة، لم يعرف الحلف بالطلاق إلا في زمن متأخر فإذا كان الصحابة حكموا بأن النذر حكمه حكم اليمين إذا قصد به المنع فكذلك الطلاق.

مدة الإيلاء:

1050 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: "إذا مضت أربعة أشهرٍ وقف المولي حتَّى يطلٍّق، ولا يقع عليه الطَّلاق حتَّى يطلٍّق". أخرجه البخاريُّ.

"وقف" يعني: قيل له: قف طلق، فإن أبى أن يطلق نقول: لا يقع عليه الطلاق حتى يطلق؛ وإنما كانوا يحكمون بذلك لئلا يقال إنه إذا مضت أربعة أشهر وقع الطلاق بمضي الأربعة بدون أن نرجع إلى الزوج؛ قال الله تعالى: {للَّذين يؤلون من نسائهم تربُّص أربعة أشهرٍ فإن فاءو فإنَّ الله غفورٌ رحيمٌ (226) وإن عزموا الطلاق فإنَّ الله سميعٌ عليمٌ} [البقرة: 226 - 227]. والصواب: أنه لا تطلق حتى يطلق، حتى لو مضى أربعة أو خمسة أو ستة فإنها لا تطلق حتى يطلق للآية المذكورة، ولا تطلق بمجرد تمام الأربعة أشهر، فإن أبى أن يطلق وأبى أن يرجع وطالبت الزوجة بحقها فإننا نلزمه بأن يرجع أو يطلق فإن أبى فإن الحاكم يطلق عليه دفعًا لضرر الزوجة. ولهذا قال العلماء: إن الطلاق يجب للإيلاء وأظنه مر علينا أن الطلاق خمسة أقسام واجب حرام مكروه سنة مباح، فالواجب إذا تمت المدة في الإيلاء قلنا: إما أن ترجع وإما أن تطلق وجوبًا فإن أبيت طلقنا عليك.

في هذا الأثر دليل على: أنه لا يجبر الزوج على الطلاق قبل تمام الأربعة أشهر؛ لقوله: "إذا مضت أربعة أشهر".

وفيه أيضًا: أنه لا تطلق المرأة بمجرد تمام الأشهر الأربعة؛ لقول ابن عمر: "ولا يقع عليه الطلاق حتى يطلق".

1051 - وعن سليمان بن يسار رضي الله عنه قال: "أدركت بضعة عشر رجلًا من أصحاب النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم كلُّهم يقفون المولي". رواه الشَّافعيُّ.

أي: يقولون له: إما أن تطلق وإما أن ترجع، قوله: "بضعة عشر" أي: ما بين الثلاثة إلى التسعة، فبضعة عشر رجلًا يحتمل ثلاثة عشر وأربعة عشر وخمسة عشر وتسعة عشر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015