فيكون قوله: "أن من لا رجعة لزوجها عليها فعدتها حيضه"؛ لأنه يحصل بها المقصود من العلم ببراءة الرحم وينتفي بها المشقة على الزوجة من تطويل العدة.
الخلاصة: الخلع إما أن يقع بلفظ الخلع أو الفداء أو الافتداء أو الفسخ فيكون فسخًا، وما معنى قولنا: يكون فسخًا؟ أنه لا يعطى حكم الطلاق فلا يحسب من الطلاق ولا تبين به المرأة بينونة كبرى إذا كان قد طلق قبله مرتين، وإذا وقع بلفظ الطلاق فهل يكون فسخًا؟ في ذلك ثلاثة أقوال: فمن العلماء من يقول: يكون فسخًا؛ لأن العبرة في الألفاظ بمقاصدها، ويؤيده أيضًا أن الرسول جعل عدَّة المختلعة حيضه واحدة، ويؤيده ما روي عن ابن عباس من أن كل ما كان بعوض فهو فسخ، وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية.
والقول الثاني: أنه إذا كان بلفظ الطلاق فهو طلاق؛ لأن لفظ الطلاق صريح فيه؛ ولأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: "طلِّقها تطليقه"، وإن وقع بلفظ الخلع أو الفسخ أو الفداء أو الافتداء فهو فسخ، وهذا هو المشهور من المذهب.
القول الثالث: أن الخلع طلاق بكل حال وإن وقع بلفظ الخلع وهذا القول أضعف الأقوال.
ومن فوائد الحديث: أنه ينبغي لأهل العلم أن يرشدوا العامة إلى الطلاق المشروع؛ حيث قال: "طلِّقها تطليقه"؛ لأن الطلاق السُّني الموافق للسنة ما كان واحدة، فإن طلَّق ثنتين فهو مكروه، وإن طلَّق ثلاثًا فهو حرام؛ يعني: إذا قال لزوجته: أنت طالق هذا طلاق سنة، إذا قال: أنت طالق أنت طالق فهذا مكروه، إذا قال: أنت طالق أنت طالق أنت طالق فهذا حرام، وذهب شيخ الإسلام ابن تيمية على أن ما زاد على الواحدة فهو حرام، فالثنتان عنده حرام، وقوله: أصح؛ لأنه ليس بعد السُّنة إلا البدعة، وكل بدعة ضلالة، والفقهاء يرون قوله: "أنت طالق أنت طالق" أنه طلاق بدعة، فالاقتصار على الكراهة فيه نظر، والصواب أن الطلاق الزائد على الواحدة حرام، لكن إن كان ثلاثًا فإنه تبين به المرأة على المشهور عند العلماء، وإن كان اثنتين فإنها لا تبين به، والصحيح أنها لا تبين بالثلاث، وأنه إذا طلَّق ثلاثًا بدون أن يتخلل الطلقات رجعة فإنه واحدة؛ يعني: لو قال: أنت طالق أنت طالق أنت طالق فهي واحدة، وإذا قال: أنت طالق أنت طالق فهي واحدة؛ إلا إذا تخللهما رجعة بأن قال: أنت طالق ثم راجعها، وبعد يومين قال: أنت طالق ثم راجعها، وقال بعد يومين أو ثلاثة: أنت طالق فهنا تحسب كل واحدة طلقة منفردة.