"نعم"، وإن كان نفيًا: "لا"، أما إذا دخلت أداة الاستفهام على ما يفيد النفي فالجواب للإثبات يكون: "بلى"، وللنفي: "نعم"، إذن على خلاف ما إذا دخلت أداة الاستفهام علة مثبت، ويروى عن ابن عباس رضي الله عنها في قوله تعالى: {ألست بربكم قالوا بلى} [الأعراف: 172]. أن ابن عباس قال: لو قالوا: نعم لكفروا؛ لأن المعنى: لست بربنا وهذا كفر، ولكنهم قالوا: بلى، ولكن نعم قد تأتي في محل بلى وهو قليل، ومنه قول الشاعر في معشوقته أم عمرو قال: [الوافر]
أليس الليل يجمع أم عمرو ... وإيانا فذاك لنا تداني
نعم وترى الهلال كما أراه ... ويعلوها النهار كما علاني
فـ"نعم" بمعني: "بلى"، هل يحصل بها الإقرار ويثبت بها الحكم فيما لو قيل للرجل: أطلَّقت امرأتك، قال: نعم؟ نعم يحصل بها الإقرار، ولو قيل: أعتقت عبدك؟ قال: نعم؛ عتق، ولو قيل: وقَّفت بيتك؟ قال: نعم؛ وقف، ولو قيل: أقبلت النكاح؟ قال: نعم؛ تم العقد؛ لأن حرف الجواب يعيد السؤال؛ يعني: كأنه أعاد السؤال برمتَّه، قالت: "نعم"، ما معنى "نعم" هنا؟ أراد عليه حديقته، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لثابت: "اقبل الحديقة وطلِّقها تطليقة".
وظاهر قوله: "اقبل الحديقة" أن ثابتًا كان حاضرًا؛ لأن خطاب الأمر لا يوجه إلا [محاورة]، "اقبل الحديقة"، "أل" هنا للعهد الذكري، "وطلقها تطليقة" يعني: لا تزد، لا تقل: أنت طالق أنت طالق، أو أنت طالق ثلاثًا، طلَّقها تطليقة واحدة؛ لأن هذا هو السنة.
وفي رواية: "أمره بطلاقها". وهذا معنى قوله: "طلقها تطليقة".
1023 - ولأبي داود، والتِّرمذيِّ وحسَّنة: "أنَّ امرأة ثابت بن قيسٍ اختلعت منه، فجعل النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم عدَّتها حيضًة".
عدتها حيضة واحدة للاستبراء؛ أي: استبراء رحمها؛ لأن الحامل لا تحيض، فإذا حاضت علم أن رحمها بريء خال من الحمل، وحينئذ تحل للأزواج، وجعل النَّبي صلى الله عليه وسلم عدتها حيضة، الحكمة منه: أنه إنما مدَّت عدة المطلقة إلى ثلاث حيض ليمتد له الأجل في التمكن من المراجعة، والمختلعة لا تراجع ولا يمكن أن يرجع زوجها عليها إلا بعقد جديد.