من فوائد الحديث: أنه لا يجوز للمريض مرض الموت أن يتطوع بأكثر من الثلث، لقوله:
وبثلث أموالكم».
فإن قال قائل: ما وجه هذا؟
قلنا: لأن المقام مقام الامتنان ومقام الامتنان يذكر فيه أعلى ما يكون منة ولو كان هناك منة
أكثر من الثلث لكان مقتضى الحال أن تُذكر.
وإلا لو قال قائل: الحديث ليس فيه النهي عن أكثر من الثلث، قلنا: نعم لكن لما كان في مقام الامتنان كان المذكور فيه على وجوه الامتنان ولو كان هناك وجه أعلى لبيّنه.
ومن فوائد الحديث: جواز تبرع الإنسان عند الموت لقوله: «عند وفاتكم» بالثلث فأقل، ولكن يشترط في هذا شرط وهو أن يكون يعي ما يقول، فإن كان لا يعي ما يقول، مثل أن وصل به المرض إلى حل صار يهدي لا يحسن ما يقول ولا يدري ما يقول، فهنا لا يصح تصرفه ولا تبرعه؛ لأنه ليس له عقل.
ومن فوائد الحديث: أن الإنسان يؤجر على ما قدّمه من العمل بعد الوفاة لقوله: «زيادة في حسناتكم» خصوصًا إذا فسرنا العندية بأنها العندية اللاحقة ويشهد لهذا ما رواه مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة (رضي الله عنه)، أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: «وإذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: إلا من صدقة جارية أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له».
ومن فوائد الحديث: بيان منَّة الله وفضله على عباده وذلك بالصدقة حيث أذن لهم أن يتصدقوا بالثلث، يعني: فأقل من أجل زيادة الحسنات.
وقوله: «وأخرجه أحمد والبزار ... إلخ»، فقال: وهي ضعيفة قد يقوي بعضها بعضًا، والأحاديث إذا وردت من وجوه ضعيفة ولكن تعددت طرقها فإنها ترتقي إلى درجة الحسن، لكنه حسن لغيره لا حُسن لذاته، والفرق أن الحسن لغيره هو الذي تجبر بغيره، والحسن لذاته هو الذي انجبر بنفسه.
«الوديعة»: فعيلة بمعنى مفعولة؛ لأن كلمة فعيل تُطلق على اسم الفاعل وعلى اسم المفعول، فيُقال: «فلان سليم» بمعنى سالم، «فلان جريح» بمعنى: مجروح، الوديعة هنا فعيلة بمعنى مفعولة، وسمّيت بذلك لأن صاحبها يودعها عند المتبرع لحفظها.
وتعريفها شرعًا: دفع مال لمن يحفظه ويشمل أي مال كان دراهم أو متاعًا أو منقولاً أو غير ذلك، إن كان بأجرة فالمودع أجير، وإن كان تبرعًا فالمودع محسن، وهنا نسأل هل يجوز الإيداع وهل يجوز الاستيداع؟ نقول: نعم يجوز الإيداع أن يجوز للإنسان أن يُودع ماله عند أحد؛