ترتفع الأسعار فتكون تساوي عشرين ألفاً نقداً، فاشتراها بعشرين ألفاً يعني: بمثل ما باعها به فإن هذا لا بأس به، فصارت مسائل العينة لها عدة صور منها الجائز ومنها الممنوعة، الممنوعة أن يبيعها بثمن مؤجل ثم يشتريها بأقل منه، لنقص السعر هذه لا تجوز أن يبيعها بثمن مؤجل ثم يشتريها بأقل منه ويكون النقص بمقدار ما نقص من صفتها لحدوث عيب فيها أو هزال في حيوان فهذه جائزة، ولكن الأولى تركها، الرابعة: أن يشتريها بمثل ما باعها به فهذا جائز؛ لأنه ليس فيه محظور، الخامسة: أن يشتريها بأكثر مما باعها به فهذا جائز من باب أولى؛ لأنه ليس في ذلك محظور.
ومن فوائد الحديث: التحذير من التشاغل ببيع العينة لقوله: "إذا تبايعتم بالعينة".
وهل هذا التحذير على سبيل التحريم أو على سبيل الإرشاد؟ نقول هو على سبيل التحريم، من أين أخذنا ذلك؟ أخذناه من أنه حيلة واضحة قريبة من الربا؛ لأنني إذا بعت عليك هذه السيارة بعشرين ألفاً إلى سنة ثم رجعت فأخذتها بخمسة عشر ألفاً نقداً كأنما أعطيتك خمسة عشر ألفاً نقداً بعشرين ألفاً على سنة، وهذا حيلة؛ ولهذا قال ابن عباس: "إنها دراهم بدراهم دخلت بينهما حريرة" يعني: خرقة، وكأنه سئل عن ثوب من الحرير مؤجل ويشتري بكذا نقداً.
ومن فوائد الحديث: أنه لو اشتراها البائع الأول من غير المشتري فلا حرج، مثل أن يبيعها زيد على عمرو ثم يبيعها عمرو على بكر فيشتريها زيد من بكر فهذا لا بأس به؛ لأن الحيلة فيها بعيدة، وقد تعرضنا في الشرح فيما لو اختلفت السلعة أو اختلفت القيمة فهل هذا مؤثر؟ ذكرنا خمس صور.
ومن فوائد الحديث: التحذير من التشاغل بالزرع عن الجهاد لقوله: "وأخذتم أذناب البقر ورضيتم بالزرع".
ومن فوائد الحديث: أن الجهاد واجب؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم حذر من التشاغل بغيره عنه بأن الله يصيب الأمة بذل لا ينزعه حتى يرجعوا إلى دينهم.
ومن فوائد الحديث: أنه ينبغي للمسلمين ألا ينهمكوا في طلب الدنيا؛ لأنها تشغلهم عن الآخرة، وفتح باب الانهماك في الدنيا لا شك أنه ينسي الإنسان ذكر الله عز وجل، ونحن الآن في عصر انهمكت الناس فيه في طلب الدنيا، فكثر التحيل عليها بالربا وبالميسر وبالأسهم، ولهذا ما أكثر الذين يسألون اليوم عن المساهمات والمضاربات التي لا تحل؛ لأنهم اشتغلوا رأوا مكاسب كثيرة بعمل يسير وزمن قريب، فانهمكوا في الدنيا حتى صار الناس كأنهم ماديون لا شك أن هذا فيه خطر عظيم على المسلمين؛ لأن القلب وعاء إذا امتلأ بشيء لم