ومن فوائد الحديث: التشديد في مسألة الربا، حيث إن ما يشترط فيه التماثل، فلابد أن يكون تماثله معلوما.
ومن فوائد الحديث: أنه إذا كان الصبرة معلومة الكيل فباعها بتمر معلوم الكيل فلا بأس بذلك، وظاهر الحديث -أي: ظاهر هذا المفهوم - أنه لا يشترط إعادة كيل الصبرة بعد العقد؛ لأن الأصل بقاؤها على ما هي عليه، وإن كان احتمال النقص أو الزيادة وارداً لكن الأصل بقاؤها على ما كانت عليه، نعم لو فرض أن كيلها كان سابقا بزمن يمكن أن تتغير فيه فإنه لابد أن يعاد كيلها.
من أين نأخذ جواز بيع الصبرة بالتمر المعلوم كيله إذا كانت معلومة كيله؟ من قوله: "التي لا يعلم مكيلها"، فإنه يؤخذ منه: أنه إن كان يعلم مكيليها فلا بأس، ولا حاجة إلى إعادة الكيل، خلافا لبعض أهل العلم الذين قالوا: لابد من الكيل بعد العقد؛ لأنه يحتمل أن تكون اختلفت، فإت التمر إذا ضمر مثلا نقص عن الكيل الأول، فنقول: نعم إذا تقدم الكيل بزمن يمكن فيه التغير وجب إعادة كيله وإلا فلا.
ومن فوائد الحديث: جواز قبض المكيل بالكيل الحاصل قبل العقد إذا لم يمض زمن يمكن أن يتغير، يعني مثلا: لو اشتريت منك طعاما كيلا بدراهم فإنه لا يجوز أن أبيعه حتى - أكيله، هكذا جاءت السنة، لكن إذا كان البائع قد كاله أمامي قبل العقد وعرفت أنه لم يتغير فإنه يجوز الاعتماد على الكيل الأول، والدليل على هذا ظاهر هذا الحديث، فإن ظاهره أنه إن كانت الصبرة معلومة الكيل فلا حاجة إلى إعادة الكيل، كذلك الطعام الذي اشتريته مكايلة وقد كاله البائع بزمن لم يتغير فيه لا بأس أن أقبضه بناء على الكيل الأول.
ومن فوائد الحديث: أنه لا يجوز بيه صبرتين من التمر بعضهما ببعض؛ لماذا؟ لأن هذا شبه جهالة مما إذا كان أحدهما معلوما إلا إذا علمنا كيلهما بزمن لا يتغير فيه التمر فلا بأس.
802 - وعن معمر بن عبد الله رضي الله عنه قال: إني كنت أسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «الطعام بالطعام مثلا بمثل وكان طعامنا يومئذ الشعير». رواه مسلم.
هذه حكاية حال ماضية بالفعل المضارع الدال على الحال، وأفاد ذكر التعبير هكذا الإشارة إلى أن يتصور الأمر وكأنه الآن تأكيد لضبطه إياه، وإلا فممن الممكن أن يقول: "إني سمعت"، ومن المعلوم لنا جميعا أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يكن دائما يتكلم بهذا وهذا يسمعه دائما، لكن سمعه دائما، لكن سمعه مرة، وإنما قال: "كنت أسمع" تحقيقا لضبطه لهذا السماع وكأنه حاضر الآن.
يقول: "الطعام بالطعام مثلا بمثل" يعني: في القدر ليس في الصفة؛ لأنه في الصفة لا