الأمانة، وقالت ابنة شعيب صاحب مدين: {يا أبت استئجره -يعني: موسى- إن خير من استئجرت القوى الأمين} [القصاص: 26]. فلابد فيمن استعمل على عمل أن يكون ذا خبرة وأن يكون أمينا.

ومن فوائده: أن اختلاف الجنس في الجودة والرداءة لا يؤثر في منع الربا، وجه ذلك: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في رواية أخرى: "عين الربا" يعني: هذا عين الربا مع أن القيمة مختلفة، فإن الرديء لا يساوي في القيمة الجيد ومع ذلك منع الرسول صلى الله عليه وسلم الفضل بينهما بين التمرين؛ لأنهما من جنس واحد.

ومن فوائد الحديث: أن اختلاف النوع لا يؤثر أي في منع الربا، والفرق بين النوع والجنس؟ التمر كله جنس، لكنه أنواع: سكري، شقراء، أم الحمام، أنواع كثيرة، لكن ثلاثة أنواع: الأول أحسن، وعلى هذا فلا يجوز أن أبيع صاعا من السكري بصاعين من الشقر وإن كان النوع مختلفا، بدليل أن "الجمع" تمر مخلط مختلف الأنواع، ومع ذلك منع الرسول صلى الله عليه وسلم بيعه متفاضلا بالجنيب الذي لم يخلط معه شيء، فدل هذا على أن اختلاف النوع لت يؤثر في منع الربا.

ومن فوائد الحديث: أنه لا يجوز إمضاء العقد المشتمل على محرم؛ بل الواجب أن يعاد هذا العقد وأن يفسخ لقول الرسول صلى الله عليه وسلم في الرواية الأخرى: "ردوه" وهذا يدل على بطلان العقد وإن كان الإنسان جاهلا.

فإن قال قائل: أليس الله تعالى قال في كتابه: {ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا} [البقرة: 286].

فالجواب: بلى قال ذلك، ونحن لا نقول: إننا نؤاخذك بخطئك أو نسيناك، بل أنت معذور وليس عليك إثم، لكن إمضاء العقد الذي أبطله الشرع بعد أن تعلم أنه باطل لابد أن تبطله لو أنك تعمدت عن علم وذكر لكنت آثما مع وجوب الرد، أما الآن فلست بآثم لكن يجب الرد.

ومن فوائد الحديث: أنه ينبغي للإنسان المفتي إذا ذكر المنع أن يذكر للناب باب الحل حتى إذا أغلق الباب من جهة انفتح من جهة أخرى، وجه ذلك: أن الرسول صلى الله عليه وسلم أرشده إلى هذا لما قال هذا ممنوع أرشده فقال: "بع الجمع بالدراهم ثم اشتر بالدراهم جنيبا"، وهكذا ينبغي للمفتي وللعالم ولكل من يتكلم في أمر الشرع إذا ذكر للناس الباب الممنوع أن يذكر لهم الباب الجائز حتى تمشي أحوالهم؛ لأن الناس لابد أن يتعاقدوا ويتعاملوا، ومن هذا لو أن الإنسان ذكر للناس بدعة يتعبدون لله وقال لهم: هذه بدعة ينبغي أن يفتح لهم باب سنة، فمثلا يقول: يغني عنها كذا وكذا، مثلا إذا قال: بدعة المولد وما دمنا الآن في شهر ربيع الأول الليلة الخامسة عشرة فإننا قريب عهد بمن يختلفون بالليلة الثانية عشر من هذا الشهر بما يقولونه من صلوات على النبي صلى الله عليه وسلم إذا قلنا لهم: إن هذا بدعة وليس بسنة لا عن الرسول ولا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015