يكتسب بمائة الدينار التي أخذها فلا يأتي حلول الأجل إلا وقد ربح خمسين ديناراً هذا استثمار؛ لأن الطرفين كسبا، رجل مثلاً عرضت عليه سلعة بمائة دينار وهو يعرف أن هذه السلعة بع ستة أشهر تكون بمائة وخمسين، لكن ما عنده مائة دينار، فذهب إلى تاجر وقال: أعطني مائة دينار بمائة وعشرين إلى ستة أشهر فقال: خذ واشتر السلعة، وبعد مضي ستة أشهر باعها بمائة وخمسين ديناراً استفاد الطرفان، يسمى هذا في لغة العصر استثماراً؛ لأن الطرفين انتفعا، الاستغلال: يأتي إنسان فقير محتاج إلى زواج وبيت وسيارة فيذهب إلى تاجر فيقول: أنا ما عندي شيء أعطني دراهم أشتري سيارة أو أبني بيتاً أو أتزوج، مائة الدينار بمائة وعشرين، هذا يسمونه استغلالاً، والحقيقة أنه لا فرق، الكل استفاد، لكن في الصورة الأولى استفاد معطي الربا فائدة مالية، وهذا استفاد فائدة عينية أو فائدة تمتعية فالكل مستفيد. التفريق بين هذا الاستثمار والاستغلال لا وجه له، وعلى هذا فيحرم الربا سواء كان استثماراً أو استغلالاً.

قال في الحديث الثاني: وعن عبادة بن الصامت، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الذهب بالذهب» الباء هنا للبدل، يعني: إذا بيع الذهب أو أبدل الذهب والفضة بالفضة كذلك والشعير بالشعير والبر بالبر والتمر بالتمر والملح بالملح، هذه ستة أشياء هذه يقول إذا بيع كل صنف بمثله مثلاً بمثل كمية سواء بسواء كمية وعلى هذا فتكون الثانية توكيداً للأولى، وإنما أكدها النبي صلى الله عليه وسلم لاقتضاء الحال ذلك؛ لأن الناس قد يتهاونون في التفاضل، فأكده النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: «سواء بسواء يداً بيد» يعني: مقابضة تعطيه وتأخذ في الأول مثلاً بمثل سواء بسواء تحريم التفاضل يداً بيد تحريم التأخير وهو ربا النسيئة.

يقول: «فإذا اختلف هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيد»، فإذا بعت ذهباً بفضة فبع كيف شئت، مثلاً بمثل أو زائداً بناقص، لكن بشرط أن يكون يداً بيد، وإذا بعت برا بشعير فبع كيف شئت زائداً بناقص لا مانع، لكن يداً بيد، تمراً بشعير، كذلك بع زائداً بناقص لكن يداً بيد، وكذلك الملح بعت ملحاً ببر لا بأس بالزيادة، ولكن يداً بيد، بعت ذهباً ببر كذلك لا بأس بالزيادة والنقص لكن يداً بيد، هذا مقتضى الحديث.

نحن الآن بين أيدينا حديث إذا اختلف هذه الأصناف فلا بأس لكن يداً بيد، ولكن إذاً بيع الذهب بالفضة فقد دل حديث أبي سعيد أنه لا يباع منها غائب بناجز، ولكن إذا بيع ذهب بتمر أو بشعير أو ببر أو بملح أو فضة بذلك، فظاهر حديث عبادة أنه لا بد من القبض لقوله: «إذا كان يداً بيد»، لكن قد دلت السنة في موضع آخر أنه إذا كان أحد العوضين من الذهب أو الفضة فإنه لا يشترط التقابض ولا يشترط أيضاً التساوي بالطبع، وذلك فيما صح به الحديث عن ابن عباس رضي الله عنه قال: "قدم النبي صلى الله عليه وسلم وهم يسلفون في الثمار السنة والسنتين فقال: من أسلف في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015