في هذا الحديث فوائد:

منها: حرص الصحابة: رضي الله عنهم- على تلقي العلم، وذلك بمعرفة سبب الحديث وهو سؤالهم النبي صلى الله عليه وسلم، والصحابة لا شك أنهم أحرص الناس على العلم؛ ولهذا كل ما ورد عليك من الأشياء التي لم يسأل عنها الصحابة وهي مما ينقدح في الذهن، فاعلم أن سؤالك عنها بدعة كما قال العلماء - رحمهم الله- فيمن سأل عن كيفية صفات الله، فقالوا: إن هذا السؤال بدعة؛ لأن الصحابة لم يسألوا عنه.

ومن فوائد هذا الحديث: أن ماء البحر طهور بدون استثناء إلا ما يقيده في الأحاديث الآتية؛ يعني: إلا إذا ما تغير بنجاسة، وإلا فإنه طهور، حتى لو فرض أنه لو طفا على سطحه شيء من الأذى، أو من الدهن، أو من البنزين، أو ما أشبه ذلك، فإنه طهور؛ لأن هذا لم يغيره.

ومن فوائد هذا الحديث أيضا: حسن تعليم الرسول - عليه الصلاة والسلام- وإجابته حيث يعمد إلى الأشياء الجامعة العامة، "وقد أعطي صلى الله عليه وسلم جوامع الكلم واختصر له الكلام اختصتارا"، وجه ذلك: أنه قال: "الطهور ماؤه".

ومن فوائد هذا الحديث: جواز زيادة الجواب على السؤال إذا دعت الحاجة إلى ذلك، وجهه: أن الرسول - عليه الصلاة والسلام- زاد على سؤال السائلين ببيان حكم ميتة البحر، فقال: "الحل ميتته" لماذا؟ لأن هؤلاء إذا كان أشكل عليهم الوضوء في ماء البحر فالظاهر أنه سيشكل عليهم ميتة البحر، إذا وجدوا سمكا طافيا على الماء ميتا فسوف يشكل عليهم من باب أولى؛ فلهذا أعلمهم النبي صلى الله عليه وسلم بحكم ميتة البحر مع أنهم لم يسألوا عنها.

ومن فوائد هذا الحديث: أن جميع الأسماك والحيتان حلال لعموم قوله: "ميتته"، وميتة هنا مفرد مضاف فيعم، فكل ميتة البحر من أسماك وحيتان فإنه حلال، وطاهر أو غير طاهر؟ طاهر، من أين علمنا أنه طاهر، من أنه حلال، لأن لدينا قاعدة مفيدة وهي: "أن كل حلال فهو طاهر وليس كل طاهر حلالا، وكل نجس فهو حرام وليس كل حرام نجسا".

كل حلال طاهر واضح وليس كل طاهر حلالا مثل الأشياء الضارة كالسم والدخان، والحشيشة، وما أشبه ذلك، فهذه طاهرة وهي حرام على خلاف في مسألة الحشيشة والخمر، لكن القول الراجح أنها طاهرة.

ثانيا: كل نجس حرام، الدليل: {قل لا أجد ما أوحى إلي محرما على طاعم يطعمه إلا أن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015