أراد الإنسان أن يرمي صيدًا فأصاب إنسانا لزمته الكفارة فالكفارة في القتل لا يشترط فيها القصد، وهذا الصبي أو المجنون إذا قتلا فإن عمدهما خطا تجب فيه الكفارة.
وقال بعض أهل العلم: إنه لا كفارة على الصغير الذي لم يبلغ - في القتل -؛ لأنه ليس من أهل الوجوب أصلًا، وفرق بين من أصل الوجوب أصلًا وبين من كان من أهل الوجوب، لكن وقع فعله خطا، فنحن نقول: هذا الصبي لو دهس إنسانًا فإنه ليس عليه كفارة؛ لأنه ليس من أهل الوجوب أصلًا بخلاف الذي كان من أهل الوجوب فأخطأ فإنه ملزم بذلك، وخطؤه يسقط عنه القصاص والدم، وأما الصبي والمجنون فليسا من أهل الوجوب أصلًا.
في هذا الحديث من الفوائد: جواز الزيادة في الجواب عن السؤال إذا اقتضته المصلحة؛ لقوله: "ولك أجر".
وفيه أيضًا: دليل على فساد قول من يقول من العامة: أن ثواب حج الصبي لوالده، وقال بعض العامة: بل ثوابه لجدته من أمه، وقال بعض العامة: بل ثوابه لمن حج به هذه ثلاثة أقوال كلها لا تصح، والصحيح: أن أجر الحج له لكن لأمه التي تولت الحج به أجر؛ ولهذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم: "لك أجر"، ولم يقل: لك أجره، وهناك فرق بين اللفظتين، إذن هذا الصبي ينال ثواب الحج والأم تنال أجر العمل والتوجيه.
فإن قلت: هذا الصبي هل ينوي هو أو ينوى عنه ()؟
فالجواب: أن كان يعقل النية ينوي هو بنفسه، وإن كان لا يعقل ينوى عنه. هل يصح أن ينوي عنه من ليس بمحرم، أو لابد أن ينوي عنه من شاركه في الإحرام؟ نقول: يصح أن ينوي عنه من لم يحرم لإطلاق الحديث: "نعم ولك أجر"، هل يصح أن ينوي عنه من هو محرم؟ نعم يصح.
وهل عند الطواف يحمل أو يمشي، وهل ينوي هو بنفسه أو ينوى عنه؟ نقول: يمشي ما لم يعجز، فإن عجز حمل، الدليل على أنه أن عجز حمل: قول النبي صلى الله عليه وسلم لأم سلمة وقد استأذنته في الطواف وهي شاكية، قال: "طوفي من وراء الناس وأنت راكبة" ()، لكن لماذا تطوف من وراء الناس؟ لئلا توذي الناس ببعيرها، وبه نعرف أن هؤلاء السُّود الذين يحملون الطائفين بالسرير، ثم يأتون - والعياذ بالله - يركضون ركضا وسط الطائفين ويكسرون رءوسهم أنهم مخطئون في ذلك خطأ عظيمًا، فيقال: أنتم إذا حملتم أحلا فطوفوا به من وراء الناس كما أرشد النبي صلى الله عليه وسلم.