مقيدة باجتناب الكبائر قياسًا على الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان، قالوا: فإذا كانت هذه الفرائض التي هي أصول الإسلام لا يكفر بها إلا الصغائر فما دونها من باب أولى.
وقوله: "الحج المبرور ليس له جزاء ... إلخ"، الفرق بين العمرة والحج هنا ظاهر جدًّا؛ لأن أقصى ما تفيده العمرة أن تكفِّر السيئة التي بين العمرة والعمرة الأخرى، أما هذا فيحصل به المطلوب، يعني: العمرة نجاة من المرغوب عنه وهو السيئات وآثارها، أما هذا ففيه حصول المطلوب وهو الجنة.
والنبي صلى الله عليه وسلم اشترط في الحجِّ أن يكون مبرورًا؛ أي: حج برّ، وهو الذي جمع أوصافًا نذكرها الآن:
أولًا: أن يكون خالصًا لله عز وجل بألّا يحمل الإنسان على الحج طلب مال أو جاء أو فرجة أو لقب أو ما أشبه ذلك، بل تكون نيته التقرب إلى الله عز وجل والوصول إلى دار كرامته، وهذا شرط في كل عبادة كما هو معروف.
الشرط الثاني: أن يكون بمال حلال، فإن كان بمال حرام فإنه ليس بمرور، حتى إن بعض العلماء يقول: إذا حج بمال حرام فإنه لا حج له، لأنه كالذي يصلي في أرض مغصوبة، وأنشدوا على ذلك: [البسيط]
إذا حججت بمالٍ أصله سحت ... فما حججت ولكن حجَّت العير ()
الشرط الثالث: أن يقوم الإنسان فيه بفعل ما يجب ليكون عبادة، فأما إذا لم يقم فيه بفعل ما يجب فليس بمبرور، كما يفعل بعض الناس اليوم يذهب ليحج فيوكل من يرمي عنه ويبيت في مكة ويذبح هديًا عن المبيت في مكة ويخرج من مزدلفة من منتصف الليل أو من صلاة المغرب والعشاء، يتتبع الرخص، ثم يقول: إنني حججت، والذي يظهر - والعلم عند الله - أن حال مثل هؤلاء أن يقول: لعبت لا حججت، أين الحج من رجل لا يبيت إلا في مكة، ويوكل من يرمي عنه الجمار، ويقول: أذبح هذيا لترك المبيت، ويتقدم من مزدلفة مبكرًا؟ ! ! إذا كان لا يمكنك أن تحج إلا على هذا الوجه فخيرٌ لك ألا تحج.
المهم: من شرط كون الحج مبرورًا: أن يأتي فيه بما يجب، وليعلم أن الإنسان ليس بالخيار بين أن يقوم بالواجب أو يفدي عنه ليس بالخيار، ولكنه إذا ترك الواجب نقول له: اذبح فدية،