يدخل رأسه على عائشة لترجله.
فإن قال قائل: لماذا لا يأمر عائشة أن تأتي فترجل رأسه في المسجد؟
فالجواب: قد يكون لها عذر وأيضًا قد يكون في المسجد رجال، فأحب النبي صلى الله عليه وسلم ألا ترجله أمامهم. المهم: أن هذه قضية عينن ولو أن الرجل دعا زوجته ورجلت رأسه في المسجد فلا بأس لكن بشرط ألا يتلوث المسجد بذلك بحيث يؤخذ ما يتناثر من الشعر ويلقي خارج المسجد.
ومن فوائد الحديث: جواز ملامسة الرجل زوجته وهو معتكف، الملامسة تعني: اللمس باليد وليس الجماع؛ لأن عائشة ترجل الشعر، والغالب أنها تمسه، أي: تمس بشرته، أما مس الشعر فقد سبق لنا عدة مرات أن الشعر في حكم المنفصل.
ومن فوائد الحديث: أن ينبغي للإنسان أن يفعل مع زوجته ما يجلب المودة والمحبة، وجه ذلك: أنه كان يدخل عليها رأسه لترجله، ولا شك أن الإنسان إذا عامل زوجته هذه المعاملة فسوف تقوى الرابطة بينهما، يعني: لو قال مثلًا: احلقي رأسي هذا من جنس الترجيل، أو إذا كان على رأسه شعر قال: رجليه، أو غسل بدنه، كل ذلك مما يجلب المودة بين الزوجين، وما كان جالبًا للمودة فإنه مأمور به.
ومن فوائد الحديث: أنه لا يجوز للمعتكف الخروج من المسجد إلا لحاجة؛ لقولها: "وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة": البول والغائط، ويقاس عليهما ما لابد منه من أكل وشرب ولباس ولحاف وما أشبه ذلك، لكن بشرط ألا يجد من يأتي إليه، فإن وجد من يأتي به إليه صار غير محتاج لذلك، الوضوء هل يجوز أن يخرج من المسجد إلى البيت؟ على التفصيل إذا لم يكن في المسجد ماء يتوضأ به جاز أن يخرج وإلا فلا يخرج، ومثله اللباس إذا احتاج إلى زيادة اللباس، كما لو كان في الشتاء ولم يجد من يأتي به جاز خروجه ليلبس، ومثله أيضًا اللحاف إذا خرج من المسجد ليأتي به وليس له من يأتي به إليه.
ومن فوائد الحديث: أنه لا يزيد على قدر الحاجة إذا خرج، يؤخذ من قولها: "إلا لحاجة"، وإذا كان الشيء مقيدًا بالحاجة فإنه يتقدر بقدر الحاجة، هذه قاعدة، فلو خرج من المسجد وهو معتكف لقضاء حاجته ثم وجد صاحبًا له وقال له صاحبه: عندي لك قضية خاصة وجلسًا يتكلمان لا يجوز، وإن كان أصل خروجه جائزًا للحاجة لكن بقاؤه يتحدث إلى صاحبه ليس فيه حاجة فلا يجوز.
من هنا نبين أن العلماء- رحمهم الله- ذكروا أن خروج الإنسان المعتكف من المسجد ينقسم إلى ثلاثة أقسام: