المشيئة صار تطوعًا، إذ إن الواجب لا مشيئة فيه، أظن اتضح الآن صدقة الغنم في أربعين شاة، وفي ثمانين شاة، وفي عشرين ومائة شاة، وفي واحد وعشرين ومائة شاتان، وفي مائتين شاتان، وفي واحد ومائتين ثلاث شياه، وفي واحد وثلاثمائة ثلاث شياه، وفي تسعين وثلاثمائة ثلاث شياه، وفي أربعمائة أربع شياه، إذا كانت (39) فليس فيها شيء إلا إذا تصدق الإنسان فلا حرج عليه.

قوله: "ولا يُجمع بين متفرق ولا يُفرق بين مجتمع خشية الصدقة"، هذا الحديث أفادنا أن الاجتماع والافتراق يؤثر في الصدقة، وهذا خاصٌّ في السائمة، يعني: أنه لا يجوز للإنسان أن يجمع بين شيئين من أجل الصدقة، مثال ذلك: رجل عنده مال من الغنم أربعون شاة في الرياض وأربعون شاة في القصيم كم في كل واحد؟ شاة؛ يعني: عليه شاتان، فذهب وجمعهما في مكان واحد كم يصير عليه؟ شاة، إذن جمع بين متفرق خشية الصدقة هذا لا يجوز.

وكذلك لو كان رجلان عند كل واحد منهما أربعون فخلطاهما خشية الصدقة؛ فصار على الجميع شاة واحدة ومع التفريق شاتان. أقول: هذا لا يجوز؛ وذلك لأن التحيل على إسقاط الواجب لا أثر له، فإن التحيل على إسقاط الواجبات لا يُسقطها، إذ لو كان التَّحيل على إسقاط الواجبات مؤثرا لكان كل إنسان يتمكن من إسقاط الواجب عليه بنوع من الحيلة، وكذلك التحيل على المحرمات لا يبيحها، وإلا لكان جائزًا لكل إنسان يستطيع أن يفعل المحرم بنوع من الحيلة، إذن لا يُجمع بين متفرق خشية الصدقة، ولا يُفرق بين مجتمع خشية الصدقة، كيف يُفرق بين مجتمع؟ إنسان عنده أربعون شاة في مكان ماذا عليه؟ شاة واحدة، لكنه أخذ عشرين وأبعدها عن الأخرى، فأصبح كل منهما الآن ليس فيها شيء، ففرق بين المجتمع خشية الصدقة والعلة فيه ظاهرة؛ لأن كل حيلة على إسقاط واجب فلا أثر لها، وكل حيلة على فعل محرم فلا أثر لها، إذا لم يكن للحيلة أثر بقي الواجب على وجوبه والمحرم على تحريمه، بل إن عقوبة المتحايلين على محارم الله أشدُّ من عقوبة الفاعلين لها على سبيل الصراحة؛ ولهذا قلب الله أولئك اليهود الذين تحيلوا على السبت قردة وخنازير- والعياذ بالله-؛ لأن هذا من باب الاستهزاء بالله عز وجل والاستخفاف به والاستهانة بأحكامه؛ أفليس الله عز وجل عالمًا بما تريد؟ بلى، هو عالم عز وجل بما تريد كيف تخادعه، المنافقون أشدُّ إثمّا وعقوبة من الكافرين لماذا؟ لأنهم تحيَّلوا على الله عز وجل وخادعوه، أظهروا أنهم مسلمون وهم كافرون في الواقع، بخلاف الكافرين فإنهم صرحوا بذلك وهم على كفرهم.

مسألة: الاشتراك والخلطة في الماشية: هذه المسألة خاصة بالمواشي عند جمهور أهل العلم لأنها جاءت في سياقها، وعليه فإننا نستفيد منها أن خلطة الأوصاف تُؤثر في المواشي، بمعنى: أن يتميز ما لكل واحد من المالكين ويشتركا فيما يتعلق بشئون الماشية كما ستوضحه- إن شاء

طور بواسطة نورين ميديا © 2015