الذنب بفساد قلبه- والعياذ بالله- سواء بشهوة أو شبهة، وقد يعاقب على الذنب بالآفات المادية كالنقص في الأموال والأنفس والثمرات.
نستفيد من هذا الحديث عدة فوائد: أولًا: نصح النبي صلى الله عليه وسلم لأمته، وذلك يؤخذ من قوله: "يعلمهم"، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم بلّغ البلاغ المبين.
ويستفاد منه أيضًا: مشروعية الدعاء لأهل القبور بما أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم لأن الدعاء أحسنه وأجمعه وأنفعه ما جاء في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ولكن مع هذا إذا دعوت أنت بغيره مما أباح الله فلا حرج.
ومن فوائد الحديث: جواز مخاطبة أهل المقابر، لقوله: "السلام عليكم".
فإن قلت: هذا مشكل، إذ كيف تخاطب أقوامًا قد ماتوا ورمُّوا؟
فالجواب: أننا علينا أن نفعل وليس علينا أن نقول: لم أمرنا الرسول صلى الله عليه وسلم بذلك، ومن الجائز يسمعهم أن الله هذا السلام، كما أن من الجائز أن يكون الخطاب ليس للإسماع، وإنما لقوة استحضار الإنسان لهؤلاء الأموات كأنهم بين يديه يسلّم عليهم، ونظير ذلك قولنا: "السلام عليك أيها النبي"، وخطاب من لا يعقل الخطاب ممكن، فقد جرى عليه الناس، فهذا عمر يقول للحجر: "إني أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع- يعني: الحجر الأسود-، ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبِّلك ما قبلتك". على أني لا أريد أن أقيس مسألة القبور بالحجر؛ لأن الحجر عندنا واضح أنه جماد وأنه لن يرد إلا على سبيل أن يكون آية أو كرامة، لكن أهل القبور أمرهم غيبي فقد يكونون يسمعون هذا الدعاء.
ومن فوائد الحديث: أن الإيمان والإسلام متباينان؛ لقوله: "من المؤمنين والمسلمين"، ووجه ذلك: أن الأصل في العطف التغاير، قد يكون تغايرًا بالذوات أو تغايرًا بالصفات، إلا ما قام الدليل على أنه ليس متغايرًا فيعمل به، وقد مرّ علينا مرات كثيرة أن الإيمان والإسلام إذا انفرد أحدهما شمل الآخر، وضربنا لذلك أمثلة.
ومن فوائد الحديث: أن القبور ديار أهل القبور لقوله: "أهل الديار"؛ وهو كذلك لأنها ديارهم، لكنهم أقوام متجاورون ولا يتزاورون.
ومن فوائد الحديث أيضًا: أنه ينبغي للإنسان أن يعلّق كل شيء بمشيئة الله، فإن كان أمرًا محتمل الوقوع فهو من باب التفويض، وإن كان أمرًا حتمي الوقوع فهو من باب التعليل يؤخذ من قوله: "وإنا إن شاء الله بكم لاحقون".