567 - وعن سليمان بن بريدة عن أبيه رضي الله عنه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلِّمهم إذا خرجوا إلى المقابر أن يقولوا: السَّلام عليكم أهل الدِّيار من المؤمنين والمسلمين، وإنَّا إن شاء الله تعالى بكم لاحقون، نسأل الله لنا ولكم العافية". رواه مسلمٌ
المعروف أن "كان" إذا كان خبرها مضارعًا فإنها تفيد الاستمرار غالبًا، وقوله: "يعلمهم إذا خرجوا"، كلمة "إذا خرجوا" ليست متعلقة بـ"يعلمهم"، ولكنها متعلقة بـ"يقولوا"، والتقدير: كان يعلمهم أن يقولوا إذا خرجوا، ويحتمل أنها متعلقة بـ"يعلمهم"، ويكون تعليم النبي صلى الله عليه وسلم إيَّاهم حين يخرجون معه إلى المقبرة، لكن الاحتمال الأول أقرب.
قوله: "السلام عليكم أهل الديار"، جملة خيرية، و"السلام" بمعنى: السلامة من كل الآفات، ويدخل فيها السلامة من عذاب القبر.
وقوله: "أهل الديار" "أهل" منصوب على أنها منادى، وحرف النداء محذوف؛ أي: يا أهل الديار، و"الديار" هي: محل الإقامة، فديار الناس في الحياة الدنيا هي القصور، وديار أهل المقابر القبور؛ ولهذا قال: "أهل الديار".
وقوله: "من المؤمنين والمسلمين" هذه "من" بيانية أي: بيان لأهل لا للديار، وعطف المسلمين على المؤمنين يفيد التغاير؛ لأن هذا هو الأصل، والفرق بينهم أن المؤمن أكمل حالًا من المسلم؛ لأن المؤمن استسلم لله تعالى ظاهرًا وباطنًا، والمسلم استسلم ظاهرًا، وقد يكون عنده تقصير في الباطن؛ ولهذا قال الله تعالى: {قالت الأعراب آمنَّا قل لَّم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولمَّا يدخل الإيمان في قلوبكم} [الحجرات: 14]. ما دخل إلى الآن لكنه حري بالدخول؛ لأن "لمَّا" تفيد النفي مع قرب الوقوع.
وقوله: "إنا إن شاء الله" "إن" للتوكيد، وخبرها "لاحقون"، وجملة "إن شاء الله" معترضة بين اسم إن وخبرها.
وقوله: "نسأل الله لنا ولكم العافية"، أول ما يتبادر إلى الأذهان عند أكثر الناس أنها عافية للبدن من الأسقام، ولكنها في الواقع: عافية البدن من الأسقام وعافية القلب كذلك من الأمراض؛ لأن مرض القلب يجب على الإنسان أن يسأل السلامة منه، فهو أشد من أمراض البدن، العافية لهم أي: للمؤمنين الأحياء بالنسبة لعافية القلوب للموتى غير واردة هنا، لماذا؟ لأنهم ماتوا فليس لهم عمل، لكن عافية الأبدان والأرواح واردة، من أي شيء يعافون؟ من العذاب.