508 - وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يتمنَّينَّ أحدكم الموت لضرٍّ نزل به، فإن كان لابدَّ متمنيًا فليقل: اللهمَّ أحيني ما كانت الحياة خيرًا لي، وتوفَّني ما كانت الوفاة خيرًا لي)). متَّفقٌ عليه.
قوله: ((لا يتمنين)) التمني هو: طلب الشيء الذي يستبعد حصوله أو يتعذر حصوله، والفرق بين التمني والرجاء: أن الرجاء فيما هو قريب الحصول، والتمني فيما هو بعيد الحصول.
وفي قوله: ((لا يتمنين)) مشكل؛ حيث كانت ((لا)) ناهية ونصبت الفعل المضارع، والمعروف أن ((لا)) الناهية تجزم الفعل المضارع، فما الجواب؟ الجواب: أن الفتحة هنا فتحة بناء لا إعراب.
وقوله: ((لا يتمنين أحدكم الموت)) يعني: لا يقول: اللهم أمتني لا بقلبه ولا بلسانه، وقواه: ((لضرٍّ)) اللام للتعليل؛ أي: من أجل ضر نزل به، سواء كان هذا الضر في بدنه، أو في أهله، أو في ماله، أو في مجتمعه، أو في دينه، أو في دنياه، كل العمومات هذه، لأنه قال: ((لضرٍّ نزل به)).
مثال الضر في بدنه: أن يصاب بمرض شديد سواء كان المرض بدنيًّا، أو فكريًّا، أو نفسيًّا أصيب بمرض، فتمنى أن يموت من أجل هذا الضر الذي به.
بماله: مثل أن يصاب بجوائح نزول الأسعار، تلف، وما أشبه ذلك.
في أهله: بموت، أو أمراض عقلية، أو نفسية، أو جسمية.
في مجتمعه نكثات: في المجتمع معاص، وفسوق وما أشبه ذلك.
في دينه: مثل أن يجد من نفسه إعراضًا عن دين الله وتكاسلًا في الخير وما أشبه ذلك. في دنياه واضح.
المهم: أن الحديث عام: ((لضر نزل به))، فإن كان لابد متمنيًا هذا يدل على أنها حالة غير مرغوب فيها، ولكن إن كان ولابد فليقل: ((اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرًا لي)). ((اللهم)) يعني: يا الله، ولكنها حذفت منها النداء وعوضت عنها الميم، حذفت ياء النداء تبركًا بالبداءة باسم الله عز وجل وعوِّض عنها الميم وجعلت في الآخرة؛ لأن الميم تدل على الضم وهو الجمع، كأن الإنسان جمع قلبه على ربه ((اللهم أحيني)) فعل دعاء؛ لأنك لا يمكن أن تأمر الله عز وجل.
وقوله: ((ما كانت الحياة خيرًا لي)) ((ما)) هذه مصدرية ظرفية، كيف ذلك؟ مصدرية؛ لأنها تؤول بمصدر، وظرفبة: لأنه يقدر قبلها ظرف، فما كانت الحياة أي: مدة كون الحياة خيرًا لي.
((وتوفني ما كانت الوفاة خيرًا لي))، أقول في ((توفني)) مثل ما أقول في ((أحيني))، و ((ما كانت