صلى الله عليه وسلم يغتسل بالصاع ويتطهر بالمد. وفي حديث ابن حجر، أو قال: ويطهره المد. وقال: وقد كان كبر وما كنت أثق بحديثه.
-[المعنى العام]-
ومرة أخرى كان من الضروري أن نأخذ شطر الدين عن أمهات المؤمنين وإلا فكيف كنا نصل إلى وصف غسل النبي صلى الله عليه وسلم مع أزواجه؟ وكيف كنا نصل إلى اختلاف الأحوال في كمية الماء الذي يغتسل به؟ لقد حدثتنا أمهات المؤمنين أنه صلى الله عليه وسلم كان يغتسل بما يتيسر له من الماء، مرة بما يقرب من أربعة أرطال، وأخرى بخمسة وثلث، وثالثة بسبعة، ورابعة بثمانية، وخامسة بستة عشر رطلا. وأنه صلى الله عليه وسلم كان يغتسل هو والواحدة من أمهات المؤمنين من إناء واحد، يوضع بينهما، وقد خلعا جميع ثيابهما يتسابقان في الاغتراف منه، ويتبادلان النظرات والابتسامات، والأنس والمداعبات، تختلف أيديهما في الإناء، وتتنازع فضلات الماء، حتى تقول له صلى الله عليه وسلم: دع لي ما تبقى، ويضحك صلى الله عليه وسلم ويقول لها: دعي لي أنت ما تبقى ولا يدع أحدهما لصاحبه، بل تبقى المنافسة في الخير حتى ينفد ما بينهما من ماء.
إنه البيت السعيد. والزوجية المثالية، والمودة والمحبة، والأنس والائتلاف واللطف وحسن الخلق، وجمال العشرة، وخفة الروح، والتودد والملاطفة، حتى بعد قضاء الوطر والشهوة وفي لحظات الاغتسال. فصلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه وأزواجه أمهات المؤمنين.
-[المباحث العربية]-
(كان يغتسل من إناء) "من" للابتداء، وفي الكلام مضاف محذوف، والتقدير: كان يغتسل من ماء إناء.
(هو الفرق) بفتح الفاء والراء، وإسكان الراء لغة، قال الجوهري: وهو مكيال معروف بالمدينة، ويسع ستة عشر رطلا من الماء، وهو ثلاثة آصع.
(من الجنابة) الجار والمجرور متعلق بالفعل "يغتسل"، وهي تحترز بذلك عن الاغتسال المسنون.
(يغتسل في القدح) قال النووي: هكذا هو في الأصول "في القدح" وهو صحيح، ومعناه من القدح. اهـ. أي إن حروف الجر ينوب بعضها عن بعض، والقدح هو الإناء.
(وكنت أغتسل أنا وهو في الإناء الواحد) أي من الإناء الواحد كما سبق، وقد جعلت نفسها أصلا، وهو تابعا، وكان المفروض العكس، قال الحافظ ابن حجر: هو من باب تغليب المتكلم على الغائب، لكونها هي السبب في الاغتسال، فكأنها أصل في الباب. اهـ.