العادة والغالب والشأن الكثير، والغسل بضم الغين اسم مصدر من "اغتسل" وبفتح الغين مصدر "غسل" ويجوز فيه الضم أيضا. قاله أهل اللغة. والمشهور في استعماله عند الفقهاء فتح الغين إذا أضيف إلى المغسول، كغسل الثوب. وضم الغين إذا أضيف إلى غيره كغسل الجنابة.
وغسل الجنابة لغة الإسالة، وشرعا إيصال الماء إلى جميع ظاهر الجسد بنية رفع الجنابة.
والجنابة في الأصل البعد، وسمي من اتصف بها جنبا لأنه منهي عن قربان مواضع الصلاة حتى يتطهر، وشرعا أمر معنوي. يقوم بالبدن يمنع من صحة الصلاة حيث لا مرخص.
(ثم يتوضأ وضوءه للصلاة) الكلام على التشبيه، أي وضوءا مثل وضوئه للصلاة كما في الرواية الثانية، واحترز به عن الوضوء اللغوي.
(فيدخل أصابعه في أصول الشعر) أي في منابته وما يتصل منه بجلدة الرأس.
(حتى إذا رأى أن قد استبرأ) "أن" مخففة من الثقيلة، واسمها ضمير الشأن محذوف، أو ضميره صلى الله عليه وسلم، وجملة "قد استبرأ" خبرها، و"رأى" بمعنى "ظن ظنا قويا" والمعنى حتى إذا ظن ووثق أنه أوصل البلل إلى جميع أصول الشعر.
(حفن على رأسه ثلاث حفنات) الحفنة ملء الكفين، قال النووي: معنى "حفن" أخذ الماء بيديه جميعا، وسيأتي تثليث الغسل في فقه الحديث.
(ثم أفاض على سائر جسده) أي أسال الماء، فالمفعول محذوف للعلم به، والإفاضة الإسالة.
(أدنيت لرسول الله صلى الله عليه وسلم غسله من الجنابة) وفي رواية أبي داود: "وضعت للنبي صلى الله عليه وسلم غسلا يغتسل به من الجنابة" والمراد من الغسل هنا -وهو بضم الغين- الذي يغتسل به، وفي رواية للبخاري "عن ميمونة قالت: وضعت له صلى الله عليه وسلم ماء الغسل".
(فغسل كفيه مرتين أو ثلاثا) شك من الراوي.
(ثم أفرغ على رأسه ثلاث حفنات ملء كفه) سبق القول: إن الحفنة ملء الكفين، فلعل الإفراد في "ملء كفه" تحريف. ولهذا قال النووي: هكذا هو في الأصول التي ببلادنا "كفه" بلفظ الإفراد، وكذا نقله القاضي عياض عن رواية الأكثرين، وفي رواية الطبري "كفيه" بالتثنية وهو مفسر لرواية الأكثرين إذ الحفنة ملء الكفين جميعا. اهـ وقال الداودي. الحفنة باليد الواحدة، لكن غيره من العلماء على أنها باليدين جميعا، أما الحثية فباليد الواحدة، والكف تذكر وتؤنث.
(ثم تنحى عن مقامه ذلك) أي تحول عن مكان اغتساله إلى مكان آخر، وسيأتي بيان الحكمة فيه. والمقام مكان القيام، فيفيد أنه كان يغتسل وافقا، كذا قيل، وفيه نظر فالمقام مكان اللبث، عن قيام أو غيره.