(إذا أتى أحدكم أهله) المراد من الأهل هنا الزوجة، وفي القاموس: أهل الرجل عشيرته وذوو قرباه، وأهل الأمر ولاته، وأهل البيت سكانه، وأهل المذهب من يدين به، وأهل الرجل زوجته. اهـ. وإتيان الأهل كناية عن جماع الزوجة.
(ثم أراد أن يعود) أي إلى إتيان أهله، أي يعود إلى الجماع مرة أخرى في نفس الوقت.
(كان يطوف على نسائه بغسل واحد) كناية عن جماعهن.
-[فقه الحديث]-
لا خلاف بين العلماء في أنه يجوز للجنب أن ينام ويأكل ويشرب ويجامع قبل الاغتسال قال النووي: وهذا مجمع عليه. اهـ.
وأحاديثنا بجميع رواياتها صريحة في ذلك، والكلام إنما هو في وضوء الجنب قبل أن ينام، أو يأكل، أو يشرب، أو يجامع. والروايات صريحة في طلب الوضوء، وظاهرها يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يواظب عليه. ولهذا ذهب ابن حبيب من أصحاب مالك وأهل الظاهر إلى وجوب الوضوء الكامل كوضوء الصلاة قبل الإتيان بهذه الأمور، وأجابوا عما رواه أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه عن عائشة -رضي الله عنها- "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينام وهو جنب، ولا يمس ماء" بأن هذا الحديث ضعيف، بل قال أبو داود: وهم الراوي أبو إسحاق في قوله: "لا يمس ماء" وقال الترمذي: يرون أن هذا غلط من أبي إسحاق. وقال البيهقي: طعن الحفاظ في هذه الجملة. قالوا: وعلى فرض صحته فالمراد أنه لا يمس ماء للغسل.
وذهب الأوزاعي والليث وأبو حنيفة ومحمد والشافعي ومالك وأحمد إلى أن وضوء الجنب وضوءا كوضوء الصلاة قبل أن يأكل أو يشرب أو ينام أو يجامع غير واجب، واحتجوا بحديث أبي داود السابق، وحملوه على أنه صلى الله عليه وسلم فعل ذلك لبيان الجواز، كما استندوا إلى ما رواه ابن ماجه والطحاوي عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رجع من المسجد صلى ما شاء الله، ثم مال إلى فراشه وإلى أهله فإن كانت له حاجة قضاها، ثم نام كهيئته، ولا يمس طيبا" وفسروا الطيب بالماء، حملا على رواية أبي داود "ولا يمس ماء".
فالوضوء عند الجمهور مستحب غير واجب، وإن اختلفوا في المراد من الوضوء، أهو التنظيف كما في أصل معناه اللغوي عند العرب؟ أم هو الاصطلاح المعروف شرعا؟
فقال أحمد في رواية عنه: يستحب للجنب إذا أراد أن ينام أو يطأ ثانيا أو يأكل أن يغسل فرجه ويتوضأ.
وقال مالك في رواية عنه: لا ينام الجنب حتى يتوَضأ وضوءه للصلاة، قال: وله أن يعاود أهله ويأكل قبل أن يتوضأ، إلا أن يكون في يديه قذر فيغسلهما. اهـ.