فليتوضأ بينهما وضوءا، وثالث يسأل عائشة: أيأكل الجنب أو يشرب قبل أن يغتسل؟ وتجيبه رضي الله عنها: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان جنبا فأراد أن يأكل أو ينام توضأ وضوءه للصلاة".
ويحكي عبد الله بن أبي قيس، فيقول: سألت عائشة، فقلت: يا أم المؤمنين. أرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يوتر أول الليل أم في آخره؟ قالت: كل ذلك كان يفعل، ربما أوتر في أول الليل، وربما أوتر في آخره. قلت: الله أكبر. الحمد الله الذي جعل في الأمر سعة. قلت: أرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يجهر بالقرآن أم يخافت به؟ قالت: ربما جهر به، وربما خفت. قلت: الحمد الله الذي جعل في الأمر سعة. قلت: أرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يغتسل من الجنابة في أول الليل أم في آخره؟ قالت: كل ذلك كان يفعل، ربما اغتسل فنام. وربما توضأ فنام. قلت: الله أكبر، الحمد لله الذي جعل في الأمر سعة.
-[المباحث العربية]-
(فقضى حاجته) قال النووي: الظاهر أن المراد بها الحدث.
(أيرقد أحدنا وهو جنب) في القاموس: الرقد النوم، كالرقاد والرقود بضمهما، أو الرقاد خاص بالليل.
والمراد من "أحدنا" الرجل، ويلحق به المرأة في الحكم باعتبار كون النساء شقائق الرجال في الأحكام إلا ما خص.
(أن عمر استفتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال) السين والتاء للطلب، أي طلب الفتوى، وفي القاموس: والفتيا والفتوى بضم الفاء وتفتح، ما أفتى به الفقيه. والفاء في "فقال" تفسيرية.
(ليتوضأ، ثم لينم) اللام لام الأمر، وحركتها الكسر، وسليم تفتحها، وإسكانها بعد الفاء والواو أكثر من تحركها، وقد تسكن بعد "ثم".
(حتى يغتسل إذا شاء) "حتى" غاية للنوم المسبوق بالوضوء.
(كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع في الجنابة؟ ) "كيف" مفعول مقدم ليصنع و"في" للسببية، والتقدير: يصنع أي شيء بسبب الجنابة.
(كل ذلك قد كان يفعل) جملة "قد كان يفعل" خبر "كل ذلك" وخلوها عن الرابط جائز عند بعض النحاة.
(ربما اغتسل فنام) "ربما" كافة ومكفوفة، فـ"ما" كفت "رب" عن عمل الجر، وهي تفيد التقليل والتكثير، لكنها هنا لا تصلح للتقليل للمقابلة في قولها ربما ... وربما، وتصلح للتكثير، أي كثيرا كان يفعل كذا، وكثيرا كان يفعل كذا.