وذهب بعض أهل الظاهر إلى أنه يجب على المتوضئ الجمع بين غسل الرجلين ومسحهما، وهو ظاهر البطلان، لأنه لا قيمة للمسح إذا وجب الغسل، مع مخالفته لظاهر الآية ومخالفته لفعله صلى الله عليه وسلم وفعل صحابته رضي الله عنهم.

وقد سبق القول في حكم غسل الكعبين والمرفقين عند الكلام على غسل اليدين إلى المرفقين، في النقطة الخامسة من شرح أحاديث باب صفة الوضوء وكماله، وحاصل ما قلناه أن غسل الكعبين نفسيهما واجب عند الجمهور، لأن "إلى" في قوله "وأرجلكم إلى الكعبين" بمعنى "مع" ولأن حد الشيء إذا كان من جنسه دخل فيه، وسيأتي حكم الزيادة على الكعبين في باب "إطالة الغرة والتحجيل" التالي لهذا الباب.

وبين ظاهر الرواية الثالثة والرابعة تعارض، إذ ظاهر الرواية الثالثة أن عبد الله بن عمرو كان مع ركب النبي صلى الله عليه وسلم وظاهر الرواية الرابعة أنه كان مع القوم الذين تعجلوا وجعلوا يمسحون على أقدامهم، ويمكن الجمع بين الروايتين باعتماد ظاهر الرواية الرابعة، ويكون معنى الرواية الثالثة، رجعنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة، فسبقناه في المسير، حتى وصلنا إلى ماء بالطريق فتعجل السابقون منا فتوضئوا فانتهينا إليهم وأعقابهم تلوح لم يمسها ماء وتعجلنا نحن كذلك، فجعلنا نمسح على أرجلنا، فأدركنا النبي صلى الله عليه وسلم، فرآنا ورآهم، فقال: أسبغوا الوضوء، ويل للأعقاب من النار.

-[ويؤخذ من هذه الأحاديث فوق ما تقدم]-

1 - وجوب استيعاب جميع أجزاء محل الطهارة.

2 - وأن من ترك جزءا يسيرا مما يجب تطهيره لا تصح طهارته، وهذا ظاهر في الرواية السابعة "قدر الظفر" قال النووي في شرح مسلم: وهذا متفق عليه، وقال في المجموع: فإن كان على رجله شقوق وجب إيصال الماء باطن تلك الشقوق، فإن شك في وصول الماء إلى باطنها -أو باطن الأصابع- لزمه الغسل ثانيا حتى يتحقق الوصول، هذا إذا كان قد شك في أثناء الوضوء، فأما إذا شك بعد الفراغ ففيه خلاف. ثم قال: قال أصحابنا: فلو أذاب في شقوق رجليه شحما أو شمعا أو عجينا، أو خضبهما بحناء وبقي جرمه لزمه إزالة عينه، لأنه يمنع وصول الماء إلى البشرة، فلو بقي لون الحناء دون عينه لم يضره، ويصح وضوؤه، ولو كان على أعضائه أثر دهن مانع، فتوضأ وأمس بالماء البشرة وجرى عليها، ولم يثبت صح وضوؤه، لأن ثبوت الماء ليس بشرط. اهـ.

وبهذه المناسبة نقول: إن ما اعتاده النساء اليوم من طلاء أظافر اليدين والقدمين بمادة ملونة (المونوكير) يضع جرما مانعا من وصول الماء للأظافر مما يبطل الوضوء ولا تصح به الصلاة.

أما استيعاب أعضاء التيمم فقد قال النووي في شرح مسلم: واختلفوا في المتيمم يترك بعض وجه، فمذهبنا ومذهب الجمهور أنه لا يصح، كما لا يصح وضوؤه، وعن أبي حنيفة ثلاث روايات، إحداها: إذا ترك أقل من النصف أجزأه، والثانية: إذا ترك الربع فما دونه أجزأه، والثالثة: إذا ترك أقل من الدرهم أجزأه. وللجمهور أن يحتجوا بقياس التيمم على الوضوء. اهـ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015