وهي -بكسر الميم وفتحها- لغتان مشهورتان، وعن ابن السكيت من كسرها جعلها آلة، ومن فتحها جعلها موضعا. اهـ.

(ويل للعراقيب من النار) "العراقيب" جمع عرقوب بضم العين في المفرد وفتحها في الجمع، وهو العصبة التي فوق العقب.

(فترك موضع ظفر) في الظفر لغات، أجودها ضم الظاء والفاء، وهي لغة القرآن ويقال بسكون الفاء، ويقال بكسر الظاء وسكون الفاء.

-[فقه الحديث]-

أورد مسلم هذا الحديث كدليل على وجوب غسل الرجلين، وأن مسحهما في الوضوء لا يجزئ، وقد سبق لنا شرح هذه المسألة في باب صفة الوضوء وكماله عند الكلام على غسل الرجلين، ونزيدها هنا إيضاحا فنقول: في المسألة مذاهب:

مذهب الإمامية من الشيعة إلى أن واجب الرجلين المسح لا الغسل، وقد أوضحنا استدلالهم بقراءة الجر في الآية، والرد عليهم في الباب المشار إليه. ونزيد هنا أنهم يستدلون كذلك بالرواية الرابعة: وفيها "فجعلنا نمسح على أرجلنا، ويجعلون الإنكار والوعيد على ترك تعميم المسح، أي عمموا المسح ويل للأعقاب من النار، ويرد عليهم من وجوه: الأول: أن القائلين بالمسح لم يوجبوا مسح العقب، والحديث يتوعد العقب، فهو حجة عليهم، لا لهم، الثاني: أن المسح لا يشترط فيه التعميم، ولا يقال للماسح أسبغ الوضوء، الثالث: أن المسح لا يكاد يتبين فيه الممسوح من غير الممسوح، خصوصا لو كان المتروك قدر الظفر كما في الرواية السابعة، الرابع: أنه معارض بالرواية الخامسة، إذ هي صريحة في الغسل واردة في رجل لم يغسل عقبه. الخامس: أنه تواترت الأخبار عن النبي صلى الله عليه وسلم في صفة وضوئه أنه كان يغسل رجليه، وهو المبين لأمر الله تعالى، وعن عطاء: والله ما علمت أن أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مسح على القدمين، وعن عائشة: لأن تقطعا أحب إلي من أن أمسح على القدمين من غير خف.

وادعى الطحاوي وابن حزم أن مسح الرجلين كان مشروعا، ثم نسخ، واستدلا أيضا بالرواية الرابعة، وادعيا أن الإنكار والتوعد للأعقاب إنما هو على المسح بعد وجوب الغسل، وشبهتهما التعبير بقوله "جعلنا نمسح على أرجلنا، وردت هذه الشبهة بأن المعنى نغسل غسلا خفيفا مبقعا، حتى يرى كأنه مسح، لذلك قال لهم: أسبغوا الوضوء، وأيضا إنما يكون الوعيد على من ترك الفرض، ولو لم يكن الغسل فرضا عليهم لعدم علمهم بفرضيتيه لما توجه إليها الوعيد، ولأمروا بتركه، والانتقال إلى الغسل.

وذهب الطبري والجبائي والحسن البصري إلى أن المتوضئ مخير بين غسل الرجلين ومسحهما، جمعا بين القراءتين، وبين الأحاديث المتعارضة، والرد على الإمامية رد لهذا المذهب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015