للوضوء "ثم مسح رأسه وظهور أذنيه" وروي أيضا عن المقدام بن معد يكرب الكندي في وصف وضوء النبي صلى الله عليه وسلم "ثم مسح برأسه وأذنيه ظاهرهما وباطنهما" وأخرج ابن حبان في صحيحه من حديث ابن عباس "فمسح برأسه وأذنيه، داخلهما بالسبابتين، وخالف بإبهاميه على ظاهر أذنيه. فمسح ظاهرهما وباطنهما".
وروى النسائي "ثم مسح برأسه وأذنيه، باطنهما بالسبابتين، وظاهرهما بإبهاميه" وروى ابن ماجه "مسح أذنيه، فأدخلهما السبابتين، وخالف إبهاميه إلى ظهر أذنيه فمسح ظاهرهما وباطنهما".
ولا خلاف بين العلماء في مشروعية مسح الأذنين في الوضوء، لكن الخلاف بينهم في اعتبارهما من الرأس أو من الوجه أو منهما فذهب جمهور من العلماء إلى أنهما من الرأس، فيمسحان معه، مستدلين برواية لابن ماجه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "الأذنان من الرأس" وذهب الزهري وداود إلى أنهما من الوجه فيغسلان معه، لحديث ابن عباس "سجد وجهي للذي خلقه وصوره وشق سمعه وبصره" وذهب جماعة من العلماء إلى أن المقبل منهما من الوجه، فيغسل معه، والمدبر منهما من الرأس، فيمسح معه.
والذي تستريح إليه النفس أنهما عضوان مستقلان، وأن رواية ابن ماجه ضعيفة؛ حتى قال ابن الصلاح: إن ضعفها كثير لا ينجبر بكثرة الطرق. اهـ.
كذلك الخلاف قائم بين العلماء في حكم مسحهما، فذهبت القاسمية وإسحق بن راهويه وأحمد بن حنبل إلى أنه واجب، واستدلوا بأحاديث وصف وضوء النبي صلى الله عليه وسلم التي سقناها عن أبي داود وابن حبان والنسائي وابن ماجه، وقالوا: إن أحاديث "الأذنان من الرأس" يقوي بعضها بعضا، وقد تضمنت أنهما من الرأس فيكون الأمر بمسح الرأس أمرا بمسحهما.
وذهب من عداهم إلى عدم الوجوب وأجابوا عن الأحاديث المذكورة بأنها وصف أفعال لا تدل على الوجوب، والمتيقن الاستحباب، فلا يصار إلى الوجوب إلا بدليل ناهض، كذلك الخلاف في مسحهما بماء الرأس أو بماء جديد، فذهب مالك والشافعي وأحمد إلى أنه يؤخذ لهما ماء جديد، وذهب أبو حنيفة إلى أنهما يمسحان مع الرأس بماء واحد. والله أعلم.
8 - وعن غسل الرجلين تقول الرواية الأولى "ثم غسل رجله اليمنى إلى الكعبين ثلاث مرات، ثم غسل اليسرى مثل ذلك" وتقول الرواية 401 "ثم غسل رجليه ثلاث مرات" والرواية 416 "ثم غسل رجليه إلى الكعبين" والرواية 419 "وغسل رجليه حتى نقاهما".
قال النووي: ذهب جميع الفقهاء من أهل الفتوى في الأعصار والأمصار إلى أن الواجب غسل القدمين مع الكعبين، ولا يجزئ مسحهما، ولا يجب المسح مع الغسل، ولم يثبت خلاف هذا عن أحد يعتد به في الإجماع. اهـ.
ويشير النووي في كلامه إلى الإمامية من الشيعة حيث قالوا: إن فرض الرجلين المسح وإنه لا