ثم يخر ساجدا لربه، يحمده ويثني عليه، فيقول له: ارفع رأسك يا محمد، وسل تعط، واشفع تشفع، فيقول: يا رب. أمتي. أمتي. فيقول له: أخرج من النار من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان؛ فيخرجه ويدخله الجنة، ثم يخر ساجدا لربه، ويحمده، ويثني عليه فيقول له ربه: ارفع رأسك يا محمد، وسل تعط، واشفع تشفع. فيقول: يا رب أمتي أمتي. فيقول له: أخرج من النار من كان في قلبه أدنى أدنى أدنى من مثقال ذرة من إيمان، فيخرجه ويدخله الجنة، ثم يخر ساجدا لربه. ويحمده، ويثني عليه. فيقول له ربه: ما تريد يا محمد؟ فيقول: يا رب. أناس من عبادك، لم يشركوا بك، ولم يعملوا خيرا قط، فشفعني فيهم. فيقول له ربه: ليس ذلك لك. فوعزتي وجلالي وعظمتي وكبريائي لأخرجنهم من النار، فيخرجهم ربهم، ثم يدخلهم الجنة.
ذلك المقام المحمود الذي خص به نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم وذلك لواء الحمد الذي منحه الله إياه يوم القيامة، وتلك شفقته صلى الله عليه وسلم بأمته في الدنيا والآخرة. وصدق الله العظيم. حيث يقول فيه: {لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم} [التوبة: 128].
-[المباحث العربية]-
(يجمع الله الناس يوم القيامة) جمع الحشر والموقف العظيم، وفي الرواية الرابعة "يجمع الله يوم القيامة الأولين والآخرين". وفي الرواية الخامسة {يوم يقوم الناس لرب العالمين}
(فيهتمون لذلك -أو- فيلهمون لذلك) قال النووي: معنى اللفظتين متقارب، فمعنى الأولى أنهم يعتنون بسؤال الشفاعة وزوال الكرب الذي هم فيه، ومعنى الثانية أن الله تعالى يلهمهم سؤال ذلك، والإلهام أن يلقي الله تعالى في النفس أمرا يحمل على فعل شيء أو تركه. اهـ
وأصل الكلام: فيهتمون بطلب الشفاعة لزوال كرب الجمع، أو فيلهمون طلب الشفاعة للتحول من كرب الجمع، فالإشارة للجمع وشدائده والمهتم به والملهم سؤال الشفاعة. والأولى أن يكون معنى "فيهتمون لذلك" أي فيحزنون لذلك الجمع الشديد وأهواله، ففي القاموس: همه الأمر حزنه، فاهتم.
(لو استشفعنا على ربنا) السين والتاء للطلب، أي لو طلبنا من الأنبياء الشفاعة إلى ربنا -والشفاعة انضمام الأدنى إلى الأعلى- ليستعين به على ما يرومه، وفي رواية "إلى ربنا" بتضمين "شفعنا" معنى سعينا. و"لو" للتمني، أو شرطية والجواب محذوف.
(حتى يريحنا من مكاننا هذا) أي من أرض الموقف العظيم، وفي رواية "فيريحنا".
(فيأتون آدم) من إسناد ما للبعض للكل.
(أنت آدم أبو الخلق) وفي الرواية السابعة "يا آدم. أنت أبو البشر" وفي الرواية السادسة "يا أبانا".