الجفنة ودارت حتى امتلأت فقال "يا جابر ناد من كان له حاجة بماء" قال فأتى الناس فاستقوا حتى رووا قال فقلت هل بقي أحد له حاجة فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده من الجفنة وهي ملأى وشكا الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الجوع فقال "عسى الله أن يطعمكم" فأتينا سيف البحر فزخر البحر زخرة فألقى دابة فأورينا على شقها النار فاطبخنا واشتوينا وأكلنا حتى شبعنا قال جابر فدخلت أنا وفلان وفلان حتى عد خمسة في حجاج عينها ما يرانا أحد حتى خرجنا فأخذنا ضلعا من أضلاعه فقوسناه ثم دعونا بأعظم رجل في الركب وأعظم جمل في الركب وأعظم كفل في الركب فدخل تحته ما يطأطئ رأسه.
-[المعنى العام]-
يجمع هذا الحديث تلميذين يتعلمان على يدي شيخين التلميذان عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت وأبوه والشيخان أبو اليسر الصحابي الجليل وجابر بن عبد الله رضي الله عنهما أما الشيخ الأول فدرس للتلميذين حديث إنظار المعسر وحديث "أطعموهم مما تأكلون وألبسوهم مما تلبسون" وأما الشيخ الثاني فبسط للتلميذين حديثا طويلا عن أحداث ووقائع عايشها في غزوة بطن بواط بعد أن شرح حديثا في التحذير من البصاق في قبلة المصلي
والأحداث التي تناولها جابر بن عبد الله في تلك الغزوة تصور الشدة والضنك والمشقة التي صادفت رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين فقد كان السبعة منهم يتعاقبون على البعير الواحد وتعب منهم بعير فلعنه صاحبه فأطلق سراحه وقل أو ندر الماء فنبع من بين أصابعه صلى الله عليه وسلم حتى رووا وكانت التمرة الواحدة نصيب الرجل يوما كاملا يمصها ثم يحفظها ليمصها ثانية بعد ساعات حتى أكلوا أوراق الشجر وتشققت أشداقهم وجاعوا ونفد ما عندهم من تمر فأخرج البحر لهم دابة عظيمة أشبعتهم وحملوا معهم نصفها
وهكذا يعطينا جابر بن عبد الله رضي الله عنه وعن أبيه صورة حية للإسلام وكيف أقامه ونشره صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم مع نبي الإسلام رضي الله عنهم أجمعين
-[المباحث العربية]-
(فكان أول من لقينا أبا اليسر) بفتح الياء والسين واسمه كعب بن عمر مشهور باسمه وكنيته شهد العقبة وبدرا وهو ابن عشرين سنة وتوفي بالمدينة سنة خمس وخمسين
(ومعه غلام له معه ضمامة من صحف) "ضمامة" بكسر الضاد قال القاضي وقال بعض شيوخنا صوابه "إضمامة" بكسر الهمزة قبل الضاد قال القاضي ولا يبعد عندي صحة ما