(من يدخل الجنة ينعم لا يبأس) "ينعم" بفتح الياء وسكون النون وفتح العين أي يدوم ويتجدد نعيمه والبأس والبؤس والبأساء والبؤساء بمعنى وهو شدة الحال
(إن للمؤمن في الجنة لخيمة من لؤلؤة واحدة مجوفة) قال النووي هكذا هو في عامة النسخ "مجوفة" بالفاء قال القاضي وفي رواية السمرقندي "مجوبة" بالباء وهي المثقوبة وهي بمعنى المجوفة وأما الخيمة فبيت مربع من بيوت الأعراب معروف
(طولها ستون ميلا للمؤمن فيها أهلون يطوف عليهم المؤمن فلا يرى بعضهم بعضا) في الرواية الرابعة والعشرين "في الجنة خيمة من لؤلؤة مجوفة" أي لكل مؤمن "عرضها ستون ميلا" فهي مربعة "في كل زاوية منها" أي في كل جانب وناحية منها "أهل" أي أزواج للمؤمن "ما يرون الأخرين يطوف عليهم المؤمن" وفي الرواية الخامسة والعشرين "طولها في السماء" أي ارتفاعها "ستون ميلا" فهي مكعبة طولها يساوي عرضها وعرضها يساوي ارتفاعها
(سيحان وجيحان والفرات والنيل كل من أنهار الجنة) قال النووي اعلم أن سيحان وجيحان غير سيحون وجيحون فأما سيحان وجيحان المذكوران في هذا الحديث اللذان هما من أنهار الجنة في بلاد الأرمن فسيحان نهر المصيصة وجيحان نهر إذنه وهما نهران عظيمان جدا أكبرهما جيحان هذا هو الصواب في موضعهما وأما قول الجوهري في صحاحه جيحان نهر بالشام فغلط أو أنه أراد المجاز من حيث إنه ببلاد الأرمن وهي مجاورة للشام قال الحازمي سيحان نهر عند المصيصة قال وهو غير سيحون وقال صاحب نهاية الغريب سيحان وجيحان نهران بالعواصم عند المصيصة وطرسوس واتفقوا كلهم على أن جيحون بالواو نهر وراء خراسان عند بلخ واتفقوا على أنه غير جيحان وكذلك سيحون غير سيحان وأما قول القاضي عياض هذه الأنهار الأربعة أكبر أنهار بلاد الإسلام فالنيل بمصر والفرات بالعراق وسيحان وجيحان ويقال سيحون وجيحون ببلاد خراسان ففي كلامه إنكار من أوجه أحدها قوله الفرات بالعراق وليس بالعراق بل هو فاصل بين الشام والجزيرة والثاني قوله سيحان وجيحان ويقال سيحون وجيحون فجعل الأسماء مترادفة وليس كذلك بل سيحان غير سيحون وجيحان غير جيحون باتفاق الناس كما سبق الثالث أنه ببلاد خراسان وأما سيحان وجيحان فهما ببلاد الأرمن بقرب الشام والله أعلم
وأما كون هذه الأنهار من ماء الجنة ففيه تأويلان ذكرهما القاضي عياض أحدهما أن الإيمان عم بلادها أو الأجسام المتغذية بمائها صائرة إلى الجنة
والثاني وهو الأصح أنها على ظاهرها وأن له مادة من الجنة والجنة مخلوقة موجودة اليوم عند أهل السنة وقد ذكر مسلم في كتاب الإيمان في حديث الإسراء أن الفرات والنيل يخرجان من الجنة وفي البخاري "من أصل سدرة المنتهى"