قال العلماء وهو من جوامع كلمه صلى الله عليه وسلم وبديع بلاغته في ذم الشهوات وإن مالت إليها النفس والحض على الطاعات وإن كرهتها النفوس وشق عليها وقد ورد إيضاح ذلك من وجه آخر عن أبي هريرة رضي الله عنه رفعه "لما خلق الله الجنة والنار أرسل جبريل إلى الجنة فقال انظر إليها قال فرجع إليه فقال وعزتك لا يسمع بها أحد إلا دخلها فأمر بها فحفت بالمكاره فقال ارجع إليها فرجع فقال وعزتك لقد خفت أن لا يدخلها أحد قال اذهب إلى النار فانظر إليها فرجع فقال وعزتك لا يسمع بها أحد فيدخلها فأمر بها فحفت بالشهوات فقال ارجع إليها فرجع فقال وعزتك لقد خشيت أن لا ينجو منها أحد" أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي وابن حبان والحاكم

أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر مصداق ذلك في كتاب الله {فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون} زاد في الرواية الثالثة "ذخرا بله ما أطلعكم الله عليه" وفي بعض النسخ "ذخرا بله ما أطلعتكم عليه" و"ذخرا" أي مدخرا محفوظا وروى بالدال المهملة و"بله" بفتح الباء وسكون اللام بعدها هاء قال ابن هشام في مغني اللبيب "بله" على ثلاثة أوجه اسم لدع ومصدر بمعنى الترك واسم مرادف لكيف وما بعدها منصوب على الأول ومخفوض على الثاني ومرفوع على الثالث وفتحها بناء على الأول والثالث وإعراب على الثاني قال واستعملت معربة مجرورة بمن خارجة عن المعاني الثلاثة وفسرها بعضهم بغير اهـ والمعنى هنا دعوا عنكم الذي أطلعكم الله عليه فالذي لم يطلعكم عليه أعظم

ووقع في رواية أن سبب هذا الحديث "أن موسى عليه السلام سأل ربه من أعظم أهل الجنة منزلة فقال غرست كرامتهم بيدي وختمت عليها فلا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر" زاد في رواية "ولا يعلمه ملك مقرب ولا نبي مرسل"

وقرأ الجمهور "ما أخفي لهم" بكسر الفاء وفتح الياء مبني للمفعول وقرأ حمزة بالإسكان فعلا مضارعا مسندا للمتكلم وقرأ محمد بن كعب "أخفي" بفتح الهمزة والفاء على البناء للفاعل وهو الله سبحانه وتعالى وقرئ "قرة" بالإفراد و"قرات" بالجمع

(إن في الجنة لشجرة يسير الراكب في ظلها مائة سنة) زاد في ملحق الرواية السادسة "لا يقطعها" وفي الرواية الثامنة "يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها" وفي الرواية التاسعة "يسير الراكب الجواد المضمر السريع مائة عام ما يقطعها" والمراد من "ظلها" كنفها وما يستره أغصانها وقيل في نعيمها وراحتها ومنه قولهم عيش ظليل قال القرطبي والمحوج إلى هذا التأويل أن الظل في عرف أهل الدنيا ما يقي من حر الشمس وأذاها وليس في الجنة شمس ولا أذى و"المضمر" بضم الميم الأولى وفتح الضاد وفتح الميم الثانية مشددة أي الذي ضمر ليشتد جريه قال القاضي ورواه بعضهم بكسر الميم الثانية صفة الراكب المضمر لفرسه قال والمعروف الأول

طور بواسطة نورين ميديا © 2015