والعطف الجانب يتهمه الرجل بأن الذي حبسه إعجابه بنفسه وكبره ودافع عنه معاذ فقال بئس ما قلت ما علمنا عليه إلا خيرا
(فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم فبينما هو على ذلك رأى رجلا مبيضا) بالياء المشددة المكسورة مع ضم الميم وفتح الباء أي لابسا البياض
(يزول به السراب) أي يتحرك به السراب وينهض من إسراعه وإقدامه
(فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كن أبا خيثمة فإذا هو أبو خيثمة الأنصاري) قال النووي قيل معناه أنت أبو خيثمة قال ثعلب والعرب تقول كن زيدا أي أنت زيد وكأن رسول الله صلى الله عليه وسلم شبه عليه ببعض الصفات فقالها بالعرافة وشدة الفطنة وقال القاضي عياض الأشبه عندي أن "كن" هنا للتحقيق والوجود أي لتوجد يا هذا الشخص أبا خيثمة حقيقة قال صاحب التحرير تقديره اللهم اجعله أبا خيثمة
(وهو الذي تصدق بصاع التمر حين لمزه المنافقون) قصتها أن النبي صلى الله عليه وسلم قام مقاما في الناس فأمرهم بالصدقة فقام عبد الرحمن بن عوف فقال يا رسول الله عندي ثمانية آلاف تركت منها أربعة لعيالي وجئت بأربعة أقدمها إلى الله تعالى فتكاثر المنافقون ما جاء به ونسبوه للرياء وجاء عاصم بن عدي الأنصاري فقال يا رسول الله عندي سبعون وسقا من تمر أقدمها إلى الله تعالى فتكاثر المنافقون ما جاء به ثم قام أبو خيثمة وقيل قام رجل من الأنصار اسمه الحبحاب وكنيته أبو عقيل والأول أولى وهو الذي في الصحيح فقال يا رسول الله مالي من مال غير أني آجرت نفسي البارحة من بني فلان على صاعين من تمر فتركت صاعا لعيالي وجئت بصاع أقربه إلى الله تعالى فلمزه المنافقون وتغامزوا عليه وقالوا جاء أهل الإبل بالإبل وجاء أهل الفضة بالفضة وجاء هذا بتمرات يحملها فأنزل الله تعالى {الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات} [التوبة 79]
وقد روى الطبراني من حديث أبي حنيفة قال "تخلفت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخلت حائطا فرأيت عريشا قد رش بالماء ورأيت زوجتي فقلت ما هذا بإنصاف رسول الله صلى الله عليه وسلم في السموم والحرور وأنا في الظل والنعيم فقمت إلى ناضح لي وتمرات فخرجت فلما طلعت على العسكر فرآني الناس قال النبي صلى الله عليه وسلم كن أبا خيثمة فجئت فدعا لي"
يذكر كعب قصة أبي خيثمة في حديثه ليزيد نفسه تأنيبا مقارنا بين موقفه هو وتخلفه مع القدرة وموقف أبي خيثمة ومبادرته مع الجهد وعدم القدرة
(فلما بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد توجه قافلا من تبوك حضرني بثي) بفتح الباء وتشديد الثاء المكسورة وهو أشد الحزن
(فطفقت أتذكر الكذب وأقول بم أخرج من سخطه غدا ... فلما قيل لي إن