ناظرة إلى ثواب ربها، فيه مخالفة للأصل، وهو عدم التقدير، وقولهم: ناظرة بمعنى منتظرة، أي إلى أمر ربها منتظرة، فيه المخالفة السابقة، وفيه أنه لا يتعدى حينئذ بإلى، وفيه أن الآية خرجت مخرج الامتنان والبشارة، وأهل الجنة لا ينتظرون شيئا، لأنه مهما خطر لهم أتوا به، والانتظار في دار النعيم فيه تنغيص وتكدير لا يليق بأصحاب النعيم.

2 - وقوله تعالى: {كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون} [المطففين: 15] فهي تدل نصا على ثبوت حجب الفجار عن ربهم، ومفهوما على عدم حجب المؤمنين الأبرار عن رؤيته، وإلا لم يكن لهذا التخصيص فائدة.

3 - وقوله تعالى: {للذين أحسنوا الحسنى وزيادة} [يونس: 26] وقد تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية عقب قوله: "فما أعطوا شيئا أحب إليهم من النظر إلى ربهم عز وجل" كدليل على أن المراد بالزيادة هي رؤية الله تعالى.

واختلف أهل السنة القائلون بثبوت الرؤية في معناها، فقال قوم: يحصل للرائي العلم بالله تعالى برؤية العين، كما في غيره من المرئيات، وهو على وفق قوله في الحديث الآتي: "هل تضارون في رؤية القمر ليلة البدر" إلا أنه منزه عن الجهة والكيفية وذلك أمر زائد على العلم.

وقال بعضهم: إن المراد بالرؤية العلم، وعبر عنها بعضهم بأنها حصول حالة في الإنسان نسبتها إلى ذاته المخصوصة نسبة الإبصار إلى المرئيات.

وقال بعضهم: رؤية المؤمن لله نوع كشف وعلم، إلا أنه أتم وأوضح من العلم.

قال الحافظ ابن حجر: وهذا أقرب إلى الصواب من الأول.

والرأي عندي أن نؤمن بالرؤية لقبولنا ظواهر الآيات والأحاديث الصحيحة المشهورة، ثم نتوقف عن الخوض في كيفيتها وحقيقتها، ولا ضير في ذلك، فقد ذكر الله المتقين، وفي مقدمة أوصافهم {الذين يؤمنون بالغيب} [البقرة: 3].

والله أعلم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015